فحاله حال استصحاب نفس الزمان ، كمن وجب عليه الجلوس في النهار مثلا ، فجلس إلى ان شك في انقضاء النهار وبقائه ، إذ يصح أن يقال إن جلوسه كان سابقا جلوسا في النهار ، والآن كما كان ، فيترتب حكمه أعني الوجوب.
لا يقال : ان الجلوس في هذه القطعة من الزمان ليس له حالة سابقة ، ضرورة كونه مرددا من أول الأمر بين وقوعه في الليل أو النهار.
لأنا نقول : المفروض عدم ملاحظة الجلوس في القطعات من النهار موضوعا مستقلا ، بل اعتبر حقيقة الجلوس المتحقق في النهار موضوعا واحدا للوجوب. (١٠٦) وهذا واضح. وإن أريد استصحاب الموضوع المقيد بالزمان أو حكمه ، بعد انقضاء الزمان المأخوذ قيدا ، ـ كما هو ظاهر كلامه قدسسره بعد ذلك ، عند التعرض للقسم الثالث ، وهو ما كان مقيدا بالنهار ـ فلا شك في عدم جريان الاستصحاب ، ضرورة أن الجلوس ـ المقيد بالنهار ، وكذا حكمه ـ لا يبقى بعد انقضائه.
إذا عرفت ما ذكرنا فنقول : إن مراده قدسسره إن كان ما ذكر أولا ، فلا وجه للقطع بعدم جريان الاستصحاب ، كما أفاد ذلك عند تعرضه للقسم الثالث ، حيث يقول : (وأما القسم الثالث ـ وهو ما كان مقيدا بالزمان ـ فينبغي القطع بعدم جريان الاستصحاب فيه.) .. بل ينبغي القطع بصحة الاستصحاب فيه ، كما لا يخفى. وإن كان مراده قدسسره ما ذكرناه أخيرا ، فلا وجه لجعل الاستصحاب فيه أولى منه في نفس الزمان.
هذا وكيف كان فالظاهر عدم الإشكال في صحة الاستصحاب
______________________________________________________
(١٠٦) لا يخفى أن اعتبار تلك الحقيقة شيئا واحدا ، وإن كان مفيدا لاستصحاب نفسها إذا شك في بقائها ، لكن لا يفيد في إثبات كون ذلك الجلوس جلوسا في النهار ، كما هو المدّعى ، بل يكون إثبات ذلك نظير إثبات كون الزمان المشكوك فيه نهارا ، ويأتي منه ـ دام بقاؤه ـ عدم إثبات ذلك باستصحاب النهار ، فتأمل.