إن إجراء الاستصحاب بالنسبة إلى زيد ـ لو شك في بقائه ـ لا يوجب إلّا ترتب الأثر المختص بزيد ، لا ما هو مترتب على حقيقة الإنسان ، كما في العكس.
وان كان الشك من جهة الشك في تعيين الفرد ، فهو على قسمين ، لأن الشك فيه إما راجع إلى الشك في المقتضى ـ كما لو كان الموجود أولا حيوانا مرددا بين ما يعيش ثلاثة أيام أو سنة ، فإذا مضى ثلاثة أيام يشك في بقاء ذلك الحيوان ـ واما راجع إلى الشك في الرافع ، كما لو خرجت منه رطوبة مرددة بين البول والمني ، ثم توضأ فيشك في بقاء حدثه وارتفاعه بواسطة الوضوء.
هذا إن قلنا بان الحدث الجامع بين الأكبر والأصغر موضوع لأثر شرعي ، وهو عدم جواز الدخول في الصلاة. وأما إن قلنا ان الموضوع للأثر خصوص الحالتين اللتين توجدان مع البول والمني ، إحداهما توجب المنع من الدخول في الصلاة إلا بالوضوء ، والأخرى توجب المنع إلا بالغسل. فالمثال الّذي ذكرناه أخيرا ليس من موارد استصحاب الكلي.
وكيف كان فالحق جواز استصحاب الكلي في كلا القسمين ان كان له أثر شرعا ، لعدم المانع إلا على مذاق من يذهب إلى اختصاص مورده بالشك في الرافع ، فمنع جريانه في القسم الأول. وقد عرفت أن التحقيق خلافه. نعم منع بعض علماء العصر ـ دام ظله ـ جريان هذا النحو من الاستصحاب مطلقا في حاشيته التي علقها على مكاسب شيخنا المرتضى قدسسره.
وحاصل ما أفاده هناك أن الشك في بقاء الكلي مسبب عن الشك في وجود الفرد الطويل ، وحيث ان مقتضى الأصل عدمه ، فلا يبقى شك في بقاء الكلي. ثم أورد على نفسه بان أصالة عدم وجود الفرد الطويل معارض بأصالة عدم وجود الفرد القصير ، وأجاب بأنه ليس في طرف القصير أصل حتى يعارض ذلك الأصل ، لعدم الأثر الشرعي للأصل الجاري في طرف القصير.
هذا. وفيه (أولا) ـ أن تقدم الأصل الجاري في السبب على المسبب إنما يكون فيما إذا كان الترتب شرعيا ، كالأصل الجاري في الماء بالنسبة إلى الثوب