توضيح ذلك : ان النقض بحسب اللغة ضد الإبرام ، فلا بد ان يتعلق بما له اجزاء مبرمة ، كما في قوله تعالى : (نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً) (٢) كما أن متعلق الإبرام لا بد أن يكون ذا اجزاء متفاسخة. وقد يستعار لمثل العهود والإيمان ، مما شأنه الاستحكام والإتقان ، لكونها شبيهة بماله اجزاء ذات إبرام. واليقين حاله حال العهد واليمين ، وانتقاضه عبارة عن انفساخ تلك الحالة الجزمية ، وتحقق الترديد في النّفس ، فعلى هذا نسبة مادة النقض إلى اليقين لها مناسبة تامة لا تحتاج إلى صرف النسبة إلى المتيقن ، ثم تخصيصه بما إذا كان له مقتض للبقاء ، بل ليس مجرد وجود المقتضي للبقاء في شيء مصححا لنسبة النقض إليه ، لما عرفت من اعتبار كون متعلقه اجزاء مبرمة.
فان قلت : نعم لكن النهي في القضية لا يصح تعلقه بنقض اليقين ، حيث أن انتقاض اليقين بالشك قهري.
قلت : كما أنه لا يجوز تعلق النهي بنقض اليقين ، كذلك لا يجوز تعلقه بنقض المتيقن أيضا ، لأنه أيضا في حال الشك إما باق واقعا ، وإما مرتفع. وعلى أي حال ليس اختياره بيد المكلف ، كما هو واضح. فالنهي في القضية يجب أن يكون متعلقا بالنقض من حيث العمل. وعلى هذا كما أنه يصح أن يقال يجب عليك معاملة بقاء المتيقن من حيث الآثار ، كذلك يصح أن يقال يجب عليك معاملة بقاء اليقين كذلك.
فان قلت : نعم ، لكن على الثاني تفيد القضية وجوب ترتيب أثر نفس اليقين ، وهو غير مقصود.
قلت : اليقين في القضية ملحوظ طريقا إلى متعلقه ، فيرجع محصل مفاد القضية إلى وجوب معاملة بقاء اليقين ، من حيث كونه طريقا إلى متعلقه ، فيندفع المحذور. هذا مما أفاده سيدنا الأستاذ «طاب ثراه» نقلا عن سيد مشايخنا الميرزا الشيرازي «قدسسره» ولعمري ان المتأمل المنصف يشهد بان هذا الالتفات والتنبه إنما يصدر ممن ينبغي ان يشد إليه الرحال ، فجزاه الله عن الإسلام وأهله أحسن الجزاء.