فان الله غني عنكم) ومثل قوله تعالى (ومن كفر فان ربي غني كريم ، ومن كفر فان الله غني عن العالمين) وأمثال ذلك مما لا يحصى. وحينئذ هذه القضية تكون صغرى لقوله (ولا ينقض اليقين.). والظاهر أن قوله عليهالسلام من وضوئه لمجرد كونه متعلقا لليقين في المورد ، لا لدخله في الحكم ، لأن المناسبات المقترنة بالكلام كما قد توجب التقيد وان لم يكن القيد مذكورا ، كما في قوله : عليهالسلام (إذا بلغ الماء قدر كر لم ينجسه شيء) الظاهر من جهة فهم العرف المستند إلى المناسبة المقامية أنه لم ينجسه شيء بالملاقاة كذلك قد توجب إلغاء القيد المذكور في الكلام ، كما فيما نحن فيه ، فان المناسب لعدم النقض هو جنس اليقين في قبال الشك ، فاندفع ما يقال في المقام من أن استظهار العموم من الخبر مبنى على كون اللام للجنس ، وظهوره فيه ممنوع بعد سبق الخصوصية ، لما عرفت من ان المناسبة في المقام توجب إلغاء الخصوصية بنظر العرف.
ثم اعلم ان هذه الصحيحة أنفع للمقام من الاخبار العامة الآتية ، لكونها نصا في وجوب الجري على الحالة السابقة المتيقنة في حال الشك ، بخلاف الاخبار العامة ، فانها تحتمل افادتها لقاعدة الشك الساري ، كما يأتي. نعم ليست الصحيحة نصا في العموم ، لكنها ظاهرة فيه ، كما أشرنا إليه.
بقي الكلام في أن الصحيحة وأمثالها ـ مما يدل على عدم جواز نقض اليقين بالشك ـ هل تعم الشك في المقتضي أو تختص بالشك في الرافع ، بعد إحراز المقتضي. والأقوى هو الأول.
______________________________________________________
الأول ، لأنه على الاحتمال الأول يمكن أن يكون قوله عليهالسلام : (ولا ينقض اليقين بالشك أبدا) تأكيدا للقضية المثبتة لا علة ، وعلى ذلك لا محذور في كون اليقين عين اليقين بالوضوء ، بخلافه على الاحتمال الثاني ، فانه بعد ما كان الجواب محذوفا تكون جملة (فانه على يقين) ظاهرة في التعليل. وعلى ذلك فإرادة شخص اليقين بالوضوء من لا تنقض تكون بعيدة كمال البعد ، لأنه كتعليل الشيء بنفسه ، كقولك يجب إكرام زيد لأنه زيد ، وهو كما ترى.