الحقيق شمولها للشك في المقتضي أيضا. وتحقيق الحال فيها يتوقف على ذكر كل واحد منها.
فنقول : إن الاخبار الواردة في المقام بين عامة وخاصة :
فمن الأولى صحيحة زرارة ، ولا يضرها الإضمار ، لأن زرارة أجل شأنا من ان يسأل غير الإمام ، فالمسئول إما أبو جعفر وإما أبو عبد الله عليهما الصلاة والسّلام ، لأنه يروي عن كليهما ، قال : (قلت له : الرّجل ينام وهو على وضوء ، أيوجب الخفقة والخفقتان عليه الوضوء؟ قال : يا زرارة قد تنام العين ولا ينام القلب والاذن ، فإذا نامت العين والاذن ، فقد وجب الوضوء ، قلت فان حرك في جنبه شيء وهو لا يعلم؟ قال : لا حتى يستيقن أنه قد نام ، حتى يجيء من ذلك امر بين ، وإلّا فانه على يقين من وضوئه ، ولا ينقض اليقين أبدا بالشك ، ولكن ينقضه بيقين آخر).
(فقه الحديث) أن الظاهر من الفقرة الأولى ان شبهة السائل كانت حكمية ، أعنى أنه كان شاكا في أن مفهوم النوم الّذي جعل ناقضا للوضوء ، هل يشمل مثل الخفقة والخفقتين أم لا ، فسأل عن ذلك ، فأجابه عليهالسلام بما حاصله : «أن النوم الموجب للوضوء لا يتحقق بذلك ، بل الملاك نوم العين والاذن».
والفقرة الثانية سؤال عن الشبهة الموضوعية. أعنى بعد ما علم زرارة ما هو الملاك في النوم الناقض سأل عن الشك في تحقق ذلك ، فأجابه عليهالسلام بقوله : (حتى يستيقن أنه قد نام ، حتى يجيء من ذلك امر بين ، وإلّا فانه على يقين من وضوئه ، ولا ينقض اليقين أبدا بالشك ، ولكن ينقضه بيقين آخر).
ثم إن قوله عليهالسلام ـ فانه على يقين من وضوئه ـ يحتمل بعيدا أن يكون هو الجزاء للشرط ، ويصير المفاد : وإن لم يجئ من ذلك امر بين ، فانه يجري على يقينه من وضوئه. والظاهر أن جواب الشرط محذوف قامت العلة مقامه ، (١٠٤) كما وقع نظيره في الكتاب العزيز ، مثل قوله تعالى (وان تكفروا
______________________________________________________
(١٠٤) ولا يخفى أنه على هذا تكون القضية أظهر في العموم من الاحتمال