وقد مر الكلام في ذلك في مبحث مقدمة الواجب مستوفى ، ومن أراد فليراجع.
والحاصل ان العقل لا يفرق في قبح المخالفة القطعية بين ما إذا كان التكليف مطلقا أو مشروطا ، بشرط يعلم حصوله. ومن هنا يعلم حال الواقعة الواحدة إذا كان أحد طرفي المعلوم بالإجمال أو كلاهما تعبديا. هذا حال الأصول الثلاثة أعنى البراءة والاحتياط والتخيير. وقد تم فيها الكلام بعون الله الملك العلام ، ويتبعها الكلام في الاستصحاب مستعينا بالله العزيز الوهاب.
المسألة الرابعة في الاستصحاب
وقد عرف بتعاريف غير خالية عن المناقشة ، وأمتنها تعريفه بإبقاء ما كان ، لأن المراد بالإبقاء بشهادة المقام هو الإبقاء العملي لا الحقيقي ، وذكر جملة (ما كان) مع كونه مأخوذا في مفهوم الإبقاء ، يدل على دخل الكون السابق في الإبقاء العملي ، فيخرج ما إذا كان الإبقاء للعلم بالبقاء أو لدليل خارجي عليه. وأيضا يعلم اعتبار الشك واليقين من هذه العبارة ، لأنه لو كان للكون السابق دخل في الإبقاء ، فلا بد من إحرازه ، وكذا لو لم يكن شاكا في البقاء ، لم يكن إبقاؤه مستندا إلى الكون السابق ، فلا يرد عليه الإشكال بإخلال اليقين والشك اللذين هما ركنا الا استصحاب.
وأيضا الاستصحاب على ما يظهر من مشتقاته هو فعل المكلف ، لا حكم الشارع (٩٨) بناء على اعتباره من باب الاخبار ، ولا حكم العقل أو بناء العقلاء ،
______________________________________________________
الاستصحاب
(٩٨) مثلا يقال : من كان على يقين من الطهارة ، فشك في الحدث ، فيستصحب الطهارة ، بل قد يقال : يجب عليه الاستصحاب. ومعلوم أن ذلك