بناء على عدم أخذه من الاخبار ، فلا يرد على التعريف المذكور ما أورده شيخنا الأستاذ من ان الاستصحاب يختلف باختلاف جهة اعتباره ، إذ هو ـ كما عرفت ـ عبارة عن البناء على الحالة السابقة بحسب العمل (٩٩) غاية الأمر أن وجه هذا البناء يختلف باختلاف الآراء ، فعند بعض حصول الظن النوعيّ أو الشخصي من الكون السابق ، وعدم ما يدل على ارتفاعه ، وعند آخر الاخبار
______________________________________________________
لا يلائم كون ذلك حكما.
(٩٩) لا يقال : بناء على أنه عبارة «عن بناء المكلف على الحالة السابقة» فما معنى إطلاق الحجة عليه ، وكثيرا ما يقال الاستصحاب حجة أو ليس بحجة.
لأنه يقال : إطلاق الحجة على العمل بالحالة السابقة ، نظير إطلاق الحجة على الأمارات ، كخبر الواحد مثلا أو الظن الحاصل من شيء ، كالشهرة وغيرها.
بيان ذلك : أن إطلاق الحجة على ما ذكرت من الأمارات عندي ليس إلا باعتبار وقوعها وسطا لإثبات الحكم الواقعي على تقدير تحققها في نفس الأمر ، فان صلاة الجمعة لو كانت في علم الله واجبة ولم يصل وجوبها بهذا العنوان إلى المكلف ، لكن وصل إليه وجوب العمل بقول العادل ، وأخبر العادل بوجوبها ، فيصح أن يقال : إن إتيان صلاة الجمعة عمل بقول العادل ، والعمل بقوله واجب ، فالإتيان بصلاة الجمعة واجب ، وان لم يكن لعنوانه ، لكن ذاك الحكم لذات الموضوع صار معلوما ، ولا نعني بالحجة الا ذلك.
نعم لو لم تكن في الواقع واجبة ، فهذا الحكم لم يكن إلا صوريا ، ويجري هذا التقريب بعينه في الاستصحاب ، لأن الحكم في الواقع لو كان ـ في علم الله ـ يصير معلوما عند المكلف بعنوان وجوب العمل على الحالة السابقة ، فالعمل على الحالة السابقة يقع وسطا ، ويقال مثلا : إتيان صلاة الجمعة عمل على الحالة السابقة ، وكل عمل على الحالة السابقة واجب ، فإتيانها واجب. ولما كان ذلك الحكم بلحاظ حفظ الواقع ، فلو لم تكن في الواقع واجبة ، يكون حكما صوريا ، كما في الأمارة. فافهم واغتنم.