إليه ، فان لم يأت بالمقدور لزمت المخالفة القطعية. فالمقصود بالبحث هنا صورة طرو العجز في واقعة أخرى ، ولم يكن للدليل الدال على المركب والمقيد إطلاق ، وكذلك لم يكن للدليل الدال على الجزئية أو القيدية ، إطلاق.
إذا عرفت هذا فنقول لا إشكال في أن مقتضى الأصل الأولى البراءة ، للشك في ثبوت أصل التكليف ، لكن هنا أمور تقدم على قاعدة البراءة :
(منها) ـ استصحاب بقاء التكليف على المقدور ، إما من جهة المسامحة في المستصحب ، بمعنى أن التكليف المتعلق بالمقدور في الزمن السابق ، وان كان غيريا ، وقد انتفى قطعا. وهذا التكليف المشكوك نفسي على تقدير ثبوته ، لكن العرف لا يرى الغيرية والنفسيّة معددة للتكليف. وإما من جهة المسامحة في الموضوع ، بان يقال إن المستصحب هو التكليف النفسيّ. والمركب التام والناقص ـ بجزء واحد ، وكذا المقيد والفاقد للمقيد ـ ليسا بموضوعين عند العرف ، بل هما شيء واحد. وهذا الاختلاف نظير الاختلاف في حالات موضوع واحد ، نظير استصحاب الكرية ، مع أن موضوع الكرية لم يكن هذا الماء الموجود عقلا ، وكل منهما صحيح.
ولكن الثمرة بينهما أنه على الأول يجري الاستصحاب في المقدار المقدور ، سواء كان قليلا أم كثيرا. وبعبارة أخرى سواء كان المعجوز عنه بالنسبة إلى المقدور قليلا ، بحيث يفرض كالمعدوم أم لا ، وعلى الثاني لا يجري ، إلا إذا كان المقدور بمقدار يصح إطلاق اسم التام عليه بالمسامحة العرفية. وأيضا الاستصحاب على الوجه الأول يختص بصورة فقدان الجزء ، ولا يجري في صورة فقدان القيد ، لأن المطلق لا يكون مكلفا به