(الأمر الرابع) أنه إذا ثبتت جزئية شيء أو شرطيته في الجملة ، فهل يقتضى الأصل جزئيته أو شرطيته مطلقا ، بحيث لو تعذر سقط التكليف ، أو اختصاص اعتبارهما بحال التمكن ، فلو تعذرا لم يسقط التكليف بالمقدور؟ وجهان. وينبغي تعيين محل الكلام ثم التكلم بما تقتضيه القاعدة فيه.
فنقول محل الكلام ما إذا لم يكن للدليل ـ الدال على الجزئية أو الشرطية ـ إطلاق ، إذ لو كان كذلك لا إشكال في سقوط التكليف حال تعذرهما ، وكذا إذا لم يكن للدليل ـ الدال على وجوب المركب والمقيد ـ إطلاق يشمل حال العجز عنهما ، إذ لو كان كذلك يتمسك بالإطلاق في بقاء التكليف.
ثم إنه قد يفرض طرو العجز مع كونه قادرا قبل ذلك ، وقد يفرض كونه عاجزا من أول الأمر ، كما إذا كان في أول زمن التكليف عاجزا عن إتيان تمام المأمور به.
ثم ان القدرة والعجز (تارة) يفرضان في واقعة واحدة كما إذا كان في أول الظهر قادرا على إتيان الصلاة مع تمام ما له دخل فيها ، فصار عاجزا عن إتيان شيء منه في الوقت. و (أخرى) في واقعتين ، كما إذا كان قادرا في الأيام السابقة ، فطرأ عليه العجز في يومه ، فلو كان عاجزا من أول الأمر لم تجر في حقه الا قاعدة البراءة ، إذ قاعدتا الاستصحاب والميسور اللتان يتمسك بهما في المسألة الآتية لا تجريان في حقه ، ضرورة توقفهما على الثبوت في الزمان السابق ، اللهم إلا أن يكتفى في تحقق قاعدة الميسور بتحقق مقتضى الثبوت. ولو كان العجز طارئا عليه في واقعة واحدة.
فالحق وجوب الإتيان بالمقدور عقلا ، لأنه يعلم بتوجه التكليف