بالفرض ، والشك في تعيين المكلف به ليس بمانع عند العقل ، وهل يجوز العقل المخالفة القطعية للتكليف المقطوع به ، مع تمكن المكلف من الامتثال بمجرد الشك في التعيين؟ حاشاه من ذلك ، فان الملاك المتحقق في مخالفة العلم التفصيلي موجود هنا بعينه.
ومن هنا يظهر أن العقل يوجب الموافقة القطعية ، لأن العلم بالواقع أوجب تنجزه على المكلف ، فليس له حجة في عدم إتيانه ، كما هو ظاهر.
(فان قلت) : إن الأصل العقلي وان كان كذلك ، إلا أن الاخبار الدالة على الترخيص ـ في موارد الشك بإطلاقها أو عمومها ـ شاملة للمقام ، فيحكم بالإباحة بمقتضى الاخبار ، لا بمقتضى حكم العقل.
(قلت) : لا ننكر شمول الاخبار للمقام كما ذكرت ، وما ذكر ـ في نفى شمولها من كون العلم المأخوذ غاية أعم من العلم الإجمالي والتفصيلي ، والأول حاصل في المقام ـ مدفوع بان الغاية صيرورة المشكوك فيه معلوما ، وهنا ليس كذلك كما هو واضح ، فموضوع أدلة الأصول باق على حاله ، إلا أن الأخذ بمؤدى الأصول في تمام أطراف العلم الإجمالي يوجب الاذن في المخالفة القطعية ، وهو مما يحكم العقل بقبحه على الحكيم تعالى ، فان المفروض تحقق العلم بخطاب فعلى من الشارع ، وحينئذ ترخيصه في تمام أطراف العلم يرجع إلى ترخيصه في المعصية ، ولو جاز ترخيصه في المعصية هنا ، جاز في العلم التفصيلي أيضا ، لأنهما من واد واحد كما لا يخفى.
نعم يمكن ان يرخص في بعض الأطراف إما تعيينا واما على