المقصد الثاني في أصالة الاشتغال
المسألة الثانية فيما إذا كان المكلف شاكا في متعلق التكليف مع كونه قادرا على الاحتياط.
فنقول والله المستعان : الشك في متعلق التكليف بعد إحراز أصله (تارة) يكون في نوع التكليف مع إحراز جنسه ، كما إذا علم بوجوب هذا وحرمة ذاك. و (أخرى) يكون في الفعل الّذي تعلق به التكليف المعلوم جنسا ونوعا ، كما إذا علم إجمالا بوجوب هذا أو ذاك ، أو علم بحرمة هذا أو ذاك. وعلى كلا التقديرين إما أن تكون الشبهة حكمية ، بمعنى ان رفعها من وظيفة الشارع ، أو تكون موضوعية ، بمعنى أن رفعها ليس من وظيفته ، انما وظيفته جعل الحكم للشاك.
وعلى التقدير الأول (تارة) تكون الشبهة ناشئة من عدم النص. و (أخرى) من إجمال النص و (ثالثة) من تعارض النصين. والمقصود هنا الكلام في حكم هذه الشبهة بأقسامها من الأصل العقلي والنقليّ ، إذ حكم جميع الأقسام من حيث الشبهة واحد ، وإن اختص بعض افرادها بحكم خاص كالشبهة الناشئة من تعارض النصين.
والحاصل ان المقصود ان المكلف ـ المحرز لتكليف المولى في الجملة مع تمكنه من الاحتياط ـ حكمه ما ذا؟
فنقول : الأقوى وجوب الاحتياط عليه بإتيان جميع المحتملات ، فيما إذا كان الواجب مرددا بين أمور ، ويترك جميع المحتملات فيما إذا كان الحرام كذلك ، وبإتيان هذا وترك ذاك فيما إذا كان الإلزام المعلوم مرددا بين وجوب فعل هذا وترك ذاك.
(لنا) أن المقتضي للامتثال ـ وهو العلم بخطاب المولى ـ موجود