قلت المؤاخذة وان لم تكن قابلة للرفع والوضع بنفسها ، لكنها قابلة لهما بواسطة منشأها ، فانه للشارع ان يثبت المؤاخذة بإيجاب الاحتياط في حال الجهل ، فإذا لم يوجب الاحتياط ترتفع المؤاخذة ، فيصح اسناد رفعها إلى الشارع ، مضافا إلى إمكان القول بان نسبة الرفع إلى الشبهات الحكمية ليس بملاحظة الآثار ، بل بملاحظة نفسها ، لأن الحكم بنفسه مما تناله يد الجعل (٧٥).
(الثالث) أنه لا إشكال في قبح مؤاخذة الناسي والعاجز والمخطئ عقلا. وعلى هذا يستشكل في الرواية من جهتين :
(الأولى) ـ عدم اختصاص رفع المؤاخذة عن هذه المذكورات بالأمة المرحومة.
(الثانية) ـ ان الرواية في مقام المنة ، وأي معنى للمنة في رفع ما هو قبيح عند العقل.
ثم لا يخفى أنه لا يرتفع الإشكال يجعل المرفوع تمام الآثار ، إذ منها المؤاخذة ، فانضمام الآثار ـ التي يصح رفعها امتنانا إلى ما لا يصح كذلك ـ غير صحيح.
وهذا التوجيه نظير ما قيل في أن الرفع إنما هو بملاحظة مجموع
______________________________________________________
(٧٥) أما على مبنى القائل بارتفاع الحكم الواقعي الفعلي في الظاهر ، فمعلوم. وأما على مبنى الأستاذ ـ دام بقاؤه ـ من بقاء الأحكام الواقعية على فعليتها ، فيما وجهنا سابقا من رفعها في مرتبة الشك وإن كان فعليا في مرتبة الذات.
هذا في الشبهات الحكمية. وأما الشبهة الموضوعية ، فان كان الحكم بالرفع فيها بما هي غير معلومة الحكم ، كما هو الظاهر ، فنفس ما أسند إليه الرفع مرفوع. وأما إن كان الحكم بالرفع بلحاظ اشتباه الموضوع ، فيمكن القول بتخصيص الرفع به ، من دون حاجة إلى توجيه الرفع برفع الاحتياط ، لكن أصل هذا الاحتمال بعيد.