وأما الدليل على الثانية ، فهو أن احتمال منع الشارع عن العمل بظن في حال الانسداد راجع إلى احتمال براءة ذمة المكلف عن مؤداه لو كان حكما واقعيا (٦١) ، وبعد قيام الحجة ـ أعني العلم الإجمالي ـ
______________________________________________________
يكن هذا حتى يقطع بعدم العقاب عند عدم حجيته ، والمنع المذكور لا يؤثر في تنجيز العلم وعدم تنجيزه ، كما لا يؤثر فيه انتفاء أصل الظن وتبدّله إلى الشك.
فالأولى أن يقال أن من المقدمات انسداد باب العلم في الأحكام والطرق ، وإذا علم في مورد النهي الشرعي ، يخرج ذلك المورد عما تجري فيه المقدمات ، سواء كان بالنسبة إلى نفس الواقع أو الطرق ، وكذلك بعد العلم بالنهي عن الظن القياسي ، يخرج هذا الظن عن مورد الانسداد ، لكن بعد ذلك لا بد من العمل بمقتضى القاعدة ،
فبناء على التبعيض في الاحتياط ، لا يضر خروجه بلزوم الاحتياط في مورده. بل وكذا على تقدير لزوم الموافقة الظنية ، لأن الاكتفاء بهذا الظن ما لم يكن الا بمناط الأقربية إلى الواقع عند العقل ، وهو بعد النهي موجود كما كان موجودا قبله.
لكن الظاهر أن حكم العقل بالاكتفاء بالموافقة الظنية أيضا هو بعد انتفاء المقدمة المذكورة ، أعني انسداد باب العلم نفيا وإثباتا حتى في الطريق.
نعم لو قيل : إن الظن في حال الانسداد كالعلم إثباتا ونفيا ، فهذا لا يجتمع مع النهي ، لكن لا لما ذكر من القطع بعدم العقاب ، بل لما ذكرنا من انفتاح باب العلم بعد النهي.
ولا فرق فيما ذكرنا بين كون النهي عن الظن المذكور وضعيا ، بمعنى عدم جواز العمل به ، لأن النهي على كلا التقديرين ليس إلّا عن العمل به معتمدا عليه ، لا لرجاء الوصول إلى الواقع.
نعم لو دلّ النهي على حرمة العمل ـ بمعنى حرمة المظنون ـ فيخرج عن محل الكلام ، لأنه مع القطع بالحرمة لم يبق الظن بالوجوب مثلا ، لكنه لم يلتزم أحد بذلك.
(٦١) قد علم ـ مما ذكرناه في التعليقة السابقة ـ أن النهي عن الظن ـ ولو