هو منتزع من كشف اللفظ عن معناه ، ولا يعقل أن يكون عين معناه.
(ان قلت) : قد يؤتى بالألفاظ الدالة على المعاني الإنشائية ، وليس في نفس المريد معانيها ، مثلا قد تصدر من المتكلم صيغة افعل كذا في مقام امتحان العبد ، أو في مقام التعجيز وأمثال ذلك ، وقد يتكلم
______________________________________________________
(الثانية) ـ أن إظهار بعض الأشياء قد يورث شيئا لا يورثه نفسه ، ما لم يبلغ مرتبة الظهور. وذلك إما بنحو العلّية لشيء خارجي ، كإظهار المحبة المورث للمحبة ، وإظهار البغض المورث للبعض ، وإظهار التألم الموجب لتألم الغير ، وأمثال ذلك ، لمناسبة ذاتية بينهما ، كسائر العلل والمعلولات وإما بنحو الموضوعية والعلية للحكم إما من الشارع ، كإظهار الشهادتين ، حيث أنه يورث الطهارة وحقن الدم وحل النكاح وغيرها من الأحكام ، وإظهار الشرك من المسلم حيث انه يورث النجاسة ووجوب القتل وغيرهما من أحكامه ، وإمّا من العقلاء ، كإظهار الطغيان الموجب للحكم باستحقاق الذم وانحطاط الدرجة أكثر ممن لم يظهره ، وإن كان في الباطن غير منقاد. وأمثال ذلك كثير ، وهذا في مرحلة الثبوت لا إشكال فيه ، وأما في مرحلة الإثبات في الأحكام الشرعية فموقوف على دلالة الدليل ، وفي أحكام العقلاء موقوف على تحقق بنائهم وحكمهم عليه.
إذا عرفت هذا فنقول : إن شأن الألفاظ دائما هو الكاشفية والحكاية عن المعاني ببركة الوضع وتعهّد الواضع لإرادتها عند التلفظ بها ـ كما فصلّ في مقامه ـ ولا يكون الاستعمال أبدا الا ذكر اللفظ وإرادة المعنى ، أي إرادة افهامه للمخاطب. وبعبارة أخرى : كأن المستعمل يلقي بذكر اللفظ نفس المعنى إلى المخاطب ، ولا نتعقّل موجدية اللفظ للمعنى ـ كما ذكر في المقدمة الأولى ـ سواء في ذلك الإنشاء والاخبار ، فهيئة افعل مثلا كاشفة عن إرادة المتكلم للفعل من المأمور وتلك معناها ، ومعنى الاستفهام حقيقة طلب العلم والفهم في النّفس ، ومعنى حرف التمني حقيقة الميل النفسانيّ لوقوع ذلك الشيء ، ومعنى حرف الترجي حقيقة الرجاء المكنون في نفس المتكلم ، وجملة (بعت) الإنشائية كاشفة