.................................................................................................
______________________________________________________
أمور اعتبارية انتزاعية ليس منشأ اعتبارها غير اعتبار معتبر خاص بكيفية خاصة ، ونظيرها مفهوم التعظيم حيث انه يتحقق بالقيام بقصد التعظيم ، وبدون القصد لا يتحقق ، فكما أن منشأ التعظيم هو القيام بقصد التعظيم ـ وغير القيام عند قوم كرفع القلنسوة مثلا ـ كذلك إنشاء الطلب وذكر اللفظ مع قصد إيجاده ، وليس وجوده الإنشائي ، وكذلك سائر الإنشائيات ، كالأعيان الثابتة والاعراض المتأصلة ، والانتزاعيات التي لها منشأ حقيقي ، كالفوقية والتحتية ، وكلية مقولات الإضافات ، حتى لا يمكن جعلها بالاعتبار ، لعدم كونها من الانتزاعيات أو عدم انتزاعها الا من منشأ حقيقي ، وذلك معنى قوله : ان الإنشاء خفيف المئونة ، لعدم حقيقة له الا الاعتبار والبناء على وجوده من العقلاء كالتشريع.
ولا يخفى ـ مع ذلك ـ الفرق بينه وبين الفرضيات المحضة ، كفرض الإنسان جمادا وفرض الجماد إنسانا ، فانه ليس إلّا مجرد فرض ، بخلاف البنائيات ، فانها وان لم يكن بحذائها شيء في الخارج ، وليست إلّا البناء ، لكن نفس ذلك البناء له حقيقة وواقعية. هذا مجمل مرامه زيد في علوّ مقامه.
لكن أورد عليه الأستاذ ـ دام بقاؤه ـ بأن المفاهيم الاعتبارية والانتزاعية كالمقابلة بين العينين والفوقية والتحتية ، وجميع مقولة الإضافات ، بل وكذلك الارتباطات التي اشتهر أنها اعتبارية صرفة ، ومنشأها اعتبار من بيده الاعتبار ، وان لم تكن في التحقّق كالأعيان الثابتة والاعراض المتأصلة ـ لها تحقق خاص بحيث يمكن أن يشار إليها ، وذلك معنى انتزاعها ، لا أن النّفس تخلق شيئا بلا حقيقة له ولا واقعية ، كالتخيلات الصرفة ، فحقيقة الفوقية شيء واقعي يتحقق في نفس الأمر عند تحقق منشأها ، ولو لم يكن في العالم لاحظ يلحظها ، ويدركها العقل عند تحققها ، ولذا لا ينتزعها من غير منشأها ، وكذا الملكية فانّها أولوية واقعية للمالك بالتصرف في ملكه كيف ما شاء ، ولو لم يكن لاحظ يلحظها ومعتبر يعتبرها ، وكذلك الزوجية هي أمر في نفس الأمر وارتباط معنوي يستتبع الحسن والقبح ، حتى ادعي وجودها في الحيوانات لمشاهدة آثارها ، وكيف يدّعى ان أمثال ذلك مما اجتمع العقلاء