اللفظ وما ليس علة ذاتا لا يمكن جعله علة ، لما تقرر في محله من عدم قابلية العلية وأمثالها للجعل.
______________________________________________________
ما أفاده الأستاذ ـ دام بقاؤه ـ في مقام النّظر إليه ، فأقول وعليه التكلان : إن مقصوده ـ كما يستفاد من كلماته في موارد متعددة ـ أن صيغة افعل وما في معناها وضعت لمفهوم الطلب ، لكنّ الواضع اشترط على المستعملين ان لا يستعملوها إلّا في مقام إيجاد المعنى ، بأن يقصدوا بها إيجاده ، بلا قصد حكاية له ، بخلاف الاخبار حيث اشترط عليهم جعلها حاكية عن ثبوت معناها في موطنه ، كما مرّ تفصيله ، وهو الفرق بين الجمل الخبرية والإنشائية ، وإلّا فالموضوع له في (اضرب) و (أطلب منك الضرب) مثلا واحد ، وهو مفهوم الطلب ، ولكن في الثاني تكون الهيئة كاشفة عن ثبوت الطلب في موطنه ، وفي الأول تكون الهيئة مع قصد الإيجاد موجدة له ، بلا كشف فيه. وليس المراد كون الموجود بوصف الموجودية موضوعا له ، حتى يرد عليه أن الاستعمال يتوقف على المعنى ، فلو كان المعنى موجودا ومعلولا للاستعمال للزم الدور ، بل المقصود أن المعنى هو المفهوم ، واستعماله إيجاده ، فمدلول الصيغة ذات الموجود ، وخصوصياته المشخصة خارجة عنه ومن لوازم وجوده.
وبعبارة أخرى : ليس المصداق معنى للهيئة حتى يرد ما ذكر ، بل المعنى هو المفهوم ، وبإيجاده يصير مصداقا ، وليس المقصود من كون الاستعمال موجدا جعل اللفظ أولا حاكيا عن المفهوم ، ثم يقصد الإيجاد بالكاشف ، بل المقصود أنّ الاستعمال عبارة عن ذكر اللفظ بلا حكاية عن شيء وقصد إيجاد المعنى به ، وبنفس ذكر اللفظ وقصد الإيجاد يوجد عند العقلاء نحو وجود للطلب ، هو وجوده الإنشائي ، ويكون منشأ لآثار عند العقلاء : منها عدم معذورية العبد مع العلم به لو ترك الامتثال ، وكذلك في إنشاء الملكية وأمثالها ، فانه يقصد ب «بعت» إيجاد معناه وهو تمليك ما له لغيره بعوض معيّن ، فيوجد بذلك اللفظ والقصد ذلك المعنى عند العقلاء ، ويكون منشأ لحصول الملكية وتترتب آثارها عليه ، لكن بشرائط معلومة عندهم كتمول العوضين وأمثال ذلك.
وأما إيجاد تلك المفاهيم بما ذكر من اللفظ والقصد فليس ببعيد ، لأنها