اللفظ هو ذوات المعاني بأوضاع عديدة ، وليس في كل وضع تقييد المعنى بكونه مع قيد الوحدة بالوجدان ولا يكون منع من جهة الواضع أيضا ، ضرورة ان كل أحد لو راجع نفسه حين كونه واضعا للفظ زيد بإزاء ولده
______________________________________________________
مستقلا في كلا النظرين ، ووحدة النّظر في الأولى وتعدده في الثانية غير مؤثر في إحاطة الذهن بكل منهما بحياله ، والشاهد على إمكان ذلك وقوعه بالوجدان.
إذا عرفت ذلك فنقول : ان كان الاستعمال عبارة عن إفناء اللفظ في المعنى وذكر اللفظ وإرادة المعنى مستقلا بالمعنى الأول ، فلا إشكال في عدم جواز الاستعمال في أكثر من معنى ، بل هو بديهي كالضرورية بشرط المحمول ، وان كان عبارة عن إفناء اللفظ في المعنى وإرادته بنحو لم يكن اللافظ حين ذكر اللفظ ملتفتا الا إلى المعنى ـ وكأنه يلقي المعنى إلى المخاطب ـ لكن لا بحيث يكون ذلك المعنى تبعا لغيره في اللحاظ والإرادة فلا إشكال في جوازه ، لأن المانع ان كان عدم إمكان تعقل الشيئين مستقلا على نحو ما ذكرنا فالوجدان حاكم بإمكانه ، وان كان عدم تحقق معنى الإفناء فلا نتعقل للإفناء معنى زائدا على ما ذكر من كون اللافظ حين إيجاد اللفظ غير ملتفت إلى اللفظ ، ملقيا للمعنى إلى المخاطب ، ولا فرق في ذلك بين أن يجعله فانيا في الواحد أو المتعدد مع عدم التفاته إلى اللفظ أصلا.
وقد ذكر إشكال على أصل الاشتراك لا بأس بالإشارة إليه لمناسبة المقام ، وهو : ان الوضع ان كان قصر اللفظ في المعنى فوضع الثاني مخالف للأول ، وان كان قصر المعنى على اللفظ فينسد باب الاستفادة إلّا بالقرينة حتى في غير المشترك ، لأن معنى الوضع على هذا التزام إرادة المعنى من اللفظ لا عنده ، وهو كما ترى.
والظاهر : ان الوضع عبارة عن قصر اللفظ على المعنى بالتخصيص أو بالتعهد أو غيرهما من معانيه ، ولا نتحاشى عن مخالفة الوضع الثاني للأول بهذا المقدار ، فان مقتضى الأول عدم إرادة غير المعنى الأول من اللفظ إلّا بالقرينة الصارفة ، ومقتضى الثاني إرادة المعنى الثاني أيضا بدون قرينة ، وكذا الثالث والرابع إلى ما شاء الله ، ولذا يحتاج إلى القرينة المعيّنة ولا يتعين شيء منها عند المخاطب الا بها ، فيصير مقتضى الأوضاع المتعددة جواز إرادة تلك المعاني من ذلك اللفظ من دون قرينة صارفة ، لكن