قضيتان إحداهما ذكر فيها اللفظ الدال على العموم ، والأخرى ذكر فيها ضمير يرجع إليه ، مع إمكان شمول الحكم في القضية الأولى لجميع افراد العام ، والعلم بعدم شموله لها في الثانية.
مثال ذلك قوله تعالى (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ـ إلى قوله تعالى ـ وبعولتهن أحق بردهن) حيث ان الحكم في القضية المشتملة على الضمير متعلق بخصوص الرجعيات ، فيدور الأمر بين التصرف في العام بحمله على البعض ، أو التصرف في الضمير بإرجاعه إلى بعض مدلول ما ذكر سابقا (٢٢٩) ، مع كون الظاهر منه ان يرجع إلى ما هو المراد من اللفظ الأول.
والحق أن يقال لو دار الأمر بين أحد التصرفين في الكلام ، تصير القضية المذكورة أولا مجملة ، لأن القضيتين لاشتمال الثانية على الضمير الراجع إلى الموضوع في الأولى ـ في حكم كلام متصل واحد. وقد ذكر في محله : أنه لو ذكر في الكلام الواحد ما يصلح لصرف سابقه عن ظاهره يصيره مجملا. ولكن يمكن أن يقال : إن مجرد القطع ـ باختصاص الحكم المذكور في الثانية ببعض افراد العام ـ لا يوجب التصرف في إحدى
______________________________________________________
فصل في العام المتعقب بالضمير
(٢٢٩) لا يقال : ان الأصل في طرف العموم سليم عن المعارض ، لعدم جريانه في طرف الضمير ، حيث أن المراد منه معلوم ، وإنما الشك في كيفية الاستعمال ، وأصالة الحقيقة لا تجري الا في الشك في المراد.
لأنا نقول : لا يجري في كيفية المراد إذا كان الموضوع له أيضا مشكوكا فيه ، وأما إذا كان المعنى الحقيقي معلوما وكذلك المجازي ، فالظاهر جواز التمسك به ، كما لو قال : (أكرم هذا العالم) وكان المخاطب شاكا في عالميته ، فيتمسك بأصالة الحقيقة لإثبات عالميته ، وترتب آثاره عليه.