إمكانه عقلا. وان كان على نحو آخر مر بيانه ، فالظاهر أيضا عدم الإشكال في إمكانه. وأما دلالة ألفاظ الكتاب العزيز على شمول التكليف والخطابات للمعدومين أيضا على نحو ما تصورنا ، فلا يبعد دعواها ، حيث أنزل لانتفاع عامة الناس إلى يوم القيامة ، وما كان هذا شأنه بعيد جدا أن تكون خطاباته ـ والتكاليف المشتمل هو عليها ـ مختصة بطائفة خاصة ، ثم علم من الخارج اشتراك سائر الطوائف معها في التكليف ، فتدبر.
ثم إنهم ذكر والعموم الخطابات الشفهية ثمرتين :
(الأولى) حجية ظهور خطابات الكتاب لنا أيضا ، كما انها حجة للمشافهين.
وفيه (أولا) أن هذا مبنى على اختصاص حجية الظواهر بمن قصد افهامه ، كما يظهر من المحقق القمي قدسسره وقد ذكر في محله عدم صحة المبنى.
و (ثانيا) أنه لا ملازمة بين كون المشافهين مخصوصين بالخطاب وكونهم مخصوصين بالإفهام ، بل الناس كلهم مقصودون بالإفهام إلى يوم القيامة ، وان قلنا بعدم شمول الخطاب إلا لخصوص المشافهين.
(الثانية) صحة التمسك بإطلاق الكتاب لمن وجد وبلغ منا ، وان كان مخالفا في الصنف لجميع المشافهين.
وتقريب ذلك أنه لو خصصنا الخطابات الواردة في القرآن العزيز بهم ، فلا بد ـ في إثبات التكاليف الواردة فيه لنا ـ من التمسك بدليل الاشتراك ، وهو لا ينفع إلّا بعد إحراز كل ما له دخل في التكليف المتوجه إليهم ، فإذا احتملنا ان التكليف المتوجه إليهم كان مشروطا بشرط. كانوا واجدين له دوننا ، فلا يثمر دليل الاشتراك في التكليف.