المعدوم ـ لا لغرض التفهيم ، بل لأغراض أخر بعد تنزيله منزلة الموجود ـ خال عن الإشكال ، كمن يخاطب ولده الميت أو أباه الميت تأسفا وتحسرا ، ولا يوجب التجوز اللغوي في الأداة الدالة على الخطاب ، كما لا يخفى.
والظاهر أن توجيه الخطاب نحو المعدوم ـ حين الخطاب ، بملاحظة ظرف وجوده ، وصيرورته قابلا للمخاطبة ـ لا إشكال فيه ، فيكون حال النداء المشروط بوجود المنادى بالفتح ، حال الوجوب المشروط بوجود من يجب عليه. نعم نفس هذا النداء ـ الصادر في زمان عدم وجود المنادى بالفتح ـ لا يمكن أن يكون موجبا لتفهيمه حتى في زمان وجوده ، لعدم ثباته وبقائه في الخارج إلى ذلك الزمان ، بل يحتاج إلى شيء آخر يحكى عنه ، كالكناية التي تبقى إلى حال وجوده ، ومثل ذلك.
إذا عرفت ذلك فنقول : لو كان الكلام في تكليف المعدوم على نحو الإطلاق ، وكذا خطابه بغرض التفهيم فعلا ، فلا إشكال في عدم
______________________________________________________
الإرادة عبارة عن مرتبة خاصة من الشوق ، فيمكن تعلّقها فعلا بأمر استقبالي. واختار ذلك في الواجب المعلق. ولا فرق بين أن يكون الفعل استقباليا من قبل المكلف ، أو من جهات أخر مع وجود المكلف ، فان المناط في الاستحالة ـ على القول به ـ عدم إمكان تحقق المراد فعلا ، من غير فرق في منشأ ذلك. فما اختاره في المقام من الاستحالة لا يلائم مختاره في الواجب المعلق فراجع.
نعم لا يبعد عدم انتزاع الوجوب إذا كان المكلف معدوما إلا بعد وجوده ، كما في ملك الوقف ، فانه وإن أنشأ الواقف فعلا الملك لجميع البطون اللاحقة ، لكن لم تنتزع الملكية لكل بطن الا بعد وجوده. ولذا لا تنافي بين مالكية البطن الموجود وبين مالكية البطون اللاحقة ، فافهم.