الفرد المشكوك الفسق واجب الإكرام ، ولو كان فاسقا في الواقع ، وبين عدم وجوب إكرام كل فاسق في الواقع ، كما هو مفاد المخصص ، فالفرد المشكوك ـ لو كان عادلا ـ يجب إكرامه بحكم العموم ، ولو كان فاسقا لا يجب بحكم المخصص. وتعيين أن الفرد المذكور هل هو عادل أو فاسق ليس على عهدة أحد الدليلين ، بل قد يكون المتكلم بكلا الدليلين أيضا شاكا ، فلا معنى للتمسك بأصالة العموم لتعيين مراده ، كما هو واضح.
______________________________________________________
بل يمكن جعل الحكم في حال الشك ، كما في الأمارات ، فإذا كان ذات الخاصّ بحسب الواقع موضوعا لحكم بمقتضى دليله ، وفي حال الشك في ذلك الحكم محكوما بحكم آخر بمقتضى دليل العام ، فذلك حكم ظاهري مجعول في حال الجهل بالواقع ، لا بمعنى أخذ موضوع العام العنوان الشامل له ، مع وصف كونه مشكوك الحكم ، حتى يقال باستحالة لحاظ المتصف بالشك في الحكم في عرض الذات ، لأنه مرتب على حكمها ، بل الموضوع في العام والملحوظ فيه ليس إلّا ذات المعنون بعنوان العام. وإطلاقه يقتضي سريانه إلى جميع حالاتها ، ومنها حال الشك في شمول حكم آخر لبعض افرادها مثلا.
لكنه مخدوش : بأن الإطلاق يقتضي سريان الحكم إلى حالات الموضوع ، مع قطع النّظر عن الحكم المجعول. واما الحالات الطارئة عليه ـ بلحاظ ذلك الحكم ـ فلا يشملها الإطلاق. ومعلوم أن الشك في شمول حكم المخصص لفرد شك في كونه محكوما بحكم العام ، وهو غير مشمول للإطلاق.
وأما جواز التمسك بالعامّ في المجمل المفهومي ، فلان العام بمدلوله وإن لم يشمل حال الشك في نفسه ، لكن أصالة العموم أصل موضوعها ليس إلّا الشك في خروج فرد منه وعدمه ، وبها يجعل حكم ظاهري للفرد المشكوك فيه. وأما في الشبهة المصداقية فليس شك بإطلاقه الأصولي ، إلا أن يقال إن شمول العام ـ لحالات الافراد في مقام الظهور والدلالة ـ وإن كان تابعا لشموله لذات الفرد ، لكن في مقام الحجية لا تبعية له ، ويمكن التفكيك. وفيه ما لا يخفى.