الفرد المشكوك انطباق عنوان المخصص عليه. واستدلوا على ذلك بان العموم قد تم واستقر ظهوره في كل فرد ، إما بالقطع بعدم المخصص المتصل ، وإما بواسطة الأصل ، حيث أنه شك في أصل وجوده ، فهو حجة في نفسه ، ولا يرفع اليد عنها إلّا بحجة أخرى أقوى منها. والمخصص المجمل ـ المردد بين الأقل والأكثر بحسب المفهوم ـ ليس حجة إلا في القدر المتيقن ، وفي هذا المقدار يرفع اليد عن ظهور العام قطعا. وأما الزائد فليس المخصص حجة فيه ، فرفع اليد عن العموم فيه طرح للحجة المستقرة ، من دون معارض.
وفيه نظر ، لإمكان أن يقال : إنه بعد ما جرت عادة المتكلم على ذكر التخصيص منفصلا عن كلامه ، فحال المنفصل في كلامه حال المتصل في كلام غيره ، فكما أنه يحتاج في التمسك بعموم كلام سائر المتكلمين إلى إحراز عدم المخصص المتصل إما بالقطع وإما بالأصل ، كذلك يحتاج ـ في التمسك بعموم كلام المتكلم المفروض ـ إلى إحراز عدم المخصص المنفصل أيضا كذلك ، فإذا احتاج العمل بالعامّ إلى إحراز عدم التخصيص بالمنفصل ، فاللازم الإجمال فيما نحن فيه ، لعدم إحراز عدمه لا بالقطع ولا بالأصل. أما الأول فواضح وأما الثاني فلما مضى من أن جريانه مختص بمورد لم يوجد ما يصلح لأن يكون مخصصا. والمسألة محتاجة إلى التأمل (٢١٨).
______________________________________________________
(٢١٨) الظاهر أن العادة المذكورة لا تضر بظهور الكلام وحجيته ، وفي الحقيقة تستقر العادة من ذلك المتكلم على إتيان حجة أقوى من الأولى ، وذلك غير مضر بحجية الأولى وان كثر ، كما اشتهر انه ما من عام إلّا وقد خصّ ، ومع ذلك لا يمنع عن حجية العام عندهم ، نعم فيما علم التخصيص إجمالا في الشبهة المحصورة لا يجوز التمسك بالعامّ مطلقا أو مع شرائط العلم وهو كلام آخر.