وفيه منع انصراف المفهوم إلى الافراد الغالبة (٢٠٦) ، فان ميزان الانصراف أنس اللفظ عرفا بالنسبة إلى المعنى الخاصّ ، وليس دائرا مدار الغلبة في الوجود ، ويمكن ان يكون وجهه أن الورود مورد الغالب يخرج القيد عن اللغوية ، فلا يكون حينئذ دليلا على إرادة المفهوم.
وفيه أنه لو كان القول بالمفهوم من جهة الخروج عن اللغوية ، لما صح القول به في كثير من الموارد ، لوجود احتمال نكتة في ذكر القيد. وهذا في الحقيقة إنكار للمفهوم للقضية ، وإثباته لها في بعض المقامات لقرينة خاصة ، مع أن خروج القيد عن اللغوية يكفى فيه كونه دخيلا في الحكم ، ولا يدل على الانحصار حتى يلزم منه العدم عند العدم.
(الثاني) أن محل النزاع في المقام هو ما لو كان هناك موضوع محفوظ في كلتا الحالتين. أعني حالة وجود الوصف وعدمه ، فيدعي مدعى المفهوم دلالة القضية على عدم سنخ الحكم المتعلق بالموضوع المفروض ، فينحصر مورد النزاع فيما تخلف الموصوف عن الوصف ، وهو في الأوصاف التي تكون أخص من الموصوف ، أو أعم من وجه في مورد تخلف الموصوف ، كما أشرنا في المبحث السابق إلى ان الموارد ـ التي يكون الشرط محققا للموضوع ـ ليست محلا للبحث ، ففي مثل قولنا : (في الغنم السائمة زكاة) لو قلنا بالمفهوم نقول بدلالته على نفى الزكاة في المعلوفة. واما الإبل ، فان قلنا بأن في سائمتها زكاة ، فمن جهة فهم المناط ، وأن العلة لأصل الزكاة السوم ، فيجري المعلول في غير المذكور ، تبعا للعلة. وإن قلنا بدلالة
______________________________________________________
(٢٠٦) وأيضا لازم الانصراف تقييد الموضوع وتضييقه ، وإن لم يكن للقضية مفهوم ، والبناء في القيد الوارد مورد الغالب على عدم التقييد. والإنصاف عدم صحة التمسك معه ، لا بالإطلاق ولا بالقيد للتضييق أو للمفهوم ، ووجهه يظهر بالتأمل.