(ثانيا) أنه لو سلم أن حمله عليهما إنما يكون من جهة مقدمات الإطلاق ، فقياس ما نحن فيه عليه قياس مع الفارق ، فان حمل الطلب على النفسيّ والتعييني عند الإطلاق ، إنما هو من جهة أنهما قسمان من الطلب في قبال قسمين آخرين منه ، ولكل من الأقسام أثر خاص ، فلو لم يحمل على قسم خاص ، فلا بد من الالتزام بالإهمال. والمفروض كونه في مقام البيان ، فيجب أن يحمل على ما هو أخف مئونة من الأقسام ، والنفسيّ أخف مئونة من الغيري ، فان الغيري يحتاج إلى لحاظ الغير ، وكذا التعييني أخف مئونة من التخييري ، لأنه يحتاج إلى ذكر البدل. وهذا بخلاف انحصار العلة ، فانه عنوان منتزع من عدم علة أخرى. ومن المعلوم أن وجود علة أخرى وعدمها ليسا موجبين لتفاوت العلة أصلا ، فلو أراد بيان الانحصار يحتاج إلى دال مستقل آخر ، كما أنه لو أراد بيان عدمه ، يحتاج إلى مبين آخر فافهم (١٩٩).
ومما استدل به المثبتون إطلاق ترتب الجزاء على الشرط. وتقريب الاستدلال به أن مقتضى إطلاق ذلك أن يكون الجزاء مستندا إلى خصوص الشرط دائما ، سواء وجد شيء آخر سابقا عليه أو مقارنا له أم لا. وهذا لا ينطبق إلا على العلة المنحصرة ، فانه لو تعددت العلة ، فلو كانت سابقة على ما ذكر في القضية ، يكون الجزاء مستندا إليها ، وإن كانت مقارنة له ، يكون الجزاء مستندا إلى مجموع العلتين.
والجواب أنه لو تكرر المسبب بتعدد الأسباب ، يلزم إهمال السبب
______________________________________________________
(١٩٩) لعله إشارة إلى ان المتكلم إذا كان بصدد بيان تمام العلل ، واقتصر على ذكر واحدة أو اثنتين ، يستفاد منه الانحصار لكن لا يخفى أن ذلك منحصر في مثل المقام ، وهو قرينة خارجية غير مدلول أداة الشرط ، بما هو ، كما هو مورد النزاع.