وبعبارة أخرى فكما أنا قلنا في مسألة اجتماع الأمر والنهي بإمكان أن يتحد العنوان المبغوض مع العنوان المقرب ، كذلك هنا من دون تفاوت ، فان أصل الصلاة شيء ، وخصوصية إيقاعها في مكان مخصوص مثلا شيء آخر مفهوما ، وإن كانا متحدين في الخارج. نعم لو تعلق النهي بنفس المقيد وهي الصلاة المخصوصة ، فلازمه الفساد من جهة عدم إمكان كون الطبيعة ـ من دون تقييد ـ ذات مصلحة توجب المطلوبية ، والطبيعة المقيدة بقيد خاص ذات مفسدة توجب المبغوضية.
والحاصل أنه كلما تعلق النهي بأمر آخر يتحد مع الطبيعة المأمور بها ، فالصحة والفساد فيه يبتنيان على كفاية تعدد الجهة في تعدد الأمر والنهي ولوازمهما من القرب والبعد والإطاعة والعصيان والمثوبة والعقوبة ، وحيث اخترنا كفاية تعدد الجهة في ذلك ، فالحق في المقام الصحة ، وكلما تعلق النهي بنفس المقيد لا يمكن كون الفعل صحيحا ، وإن قلنا بكفاية تعدد الجهة ، فان الجهة الموجبة للمبغوضية ليست مباينة لأصل الطبيعة ، حتى في عالم الذهن ، فلا يمكن أن تكون مبغوضة ، ويكون أصل الطبيعة محبوبة من دون تقييد.
وبعبارة أخرى لو بقيت المحبوبية التي هي ملاك الصحة في العبادة في المثال ، يلزم كون الشيء الواحد خارجا وجهة محبوبا ومبغوضا ، وهو مستحيل.
هذا حال العبادات وأما غيرها ، فلا ينافى النهي فيها الصحة
______________________________________________________
في الواحد ذهنا وخارجا ولا يقاس الإيقاع بالغصب ، لأن منشأ الغصب كما مر طبيعة الحركة في حال عدم اتحادها مع الخصوصيات ، بخلاف إيقاع الصلاة فان منشأه نفس الصلاة كما هو واضح.