فالحق أنه لا يقتضى الفساد مطلقا. أما في العبادات ، فلان ما يتوهم كونه مانعا عن الصحة كون العمل مبغوضا ، فلا يحصل القرب المعتبر في العبادات به.
وفيه أنه من الممكن ان يكون العمل المشتمل على الخصوصية موجبا للقرب من حيث ذات العمل (١٨٩) وان كان إيجاده في تلك الخصوصية مبغوضا للمولى.
______________________________________________________
(١٨٩) ان قلت : لا يخرج النهي المتصور في المقام عن قسمين ، لأنه اما أن يتعلق بذات المقيّد في مقابل العدم ، واما أن يتعلق بالإضافة والخصوصية.
اما الأول : فقد مر منه ـ دام ظله ـ مفصلا امتناع الاجتماع فيه ، وخروجه عن محل نزاع الاجتماع والامتناع ، كما اعترف به في المقام أيضا.
واما الثاني : فقد مر منه ـ دام ظله ـ في العبادات المكروهة عدم الإشكال فيه ، حتى عند الامتناعي ، لتعدد موطن الحكمين ، إذ لا منافاة بين محبوبية الخاصّ ومبغوضية الخصوصية ، فما معنى ابتناء الصحة والفساد على الاجتماع والامتناع؟
قلت : يمكن تصوير قسم ثالث يصح الابتناء المذكور فيه ، بان يتعلق النهي بعنوان متحد مع الذات مصداقا ، مع التغاير المفهومي ، مثل إيقاع الصلاة في الحمام مثلا ، فانه عنوان متحد مع الصلاة في الحمام ، ولكنه غير الذات مفهوما وغير الخصوصية مفهوما ومصداقا ، بل منتزع من الذات والخصوصية ، وقد مر في بحث الاجتماع أن موطن الحكمين إذا كانا مختلفي المفهوم يجري النزاع ، وان كان أحدهما أخص مطلقا فالمنهي عنه والمبغوض عنوان الإيقاع ، والمأمور به عنوان الصلاة ، ولا مانع من الحكمين إلّا الاتحاد المصداقي على الامتناع ، هذا غاية التوجيه لمرامه ـ دام ظله ـ.
لكن فيه : ان عنوان إيقاع الصلاة في الحمام مفهوم انتزاعي ، وقد مر ان الأمر بمثله راجع إلى الأمر بمنشئه ، ومنشأ الانتزاع ليس إلّا نفس الصلاة مع الخصوصية ، فيرجع النهي عن إيقاعها إلى النهي عنها مع الخصوصية ، فتكون الصلاة في الحمام بما هي منشأ للمبغوض مبغوضة وبما هي صلاة محبوبة ، فيرجع الأمر إلى اجتماع الحكمين