المأمور به هل هو مقيد شرعا بان لا يؤتى به في المحل المخصوص أولا (١٨٨).
وعلى الثاني أعنى على تقدير كون النزاع عقليا ، فمقتضى الأصل فساد العمل ، لأن المأمور به معلوم من حيث القيود والشروط ، بحيث لو كان توصليا لكان مجزيا. وإنما الشك في أن القرب المعتبر في العبادات هل يحصل بإيجاد العمل في ضمن فرد محرم أم لا؟ ولا إشكال في لزوم الإتيان ثانيا ، حتى يقطع بفراغ ذمته.
إذا عرفت ذلك كله فنقول : إن الأفعال المتعلقة للنهي على قسمين : قسم اعتبر في صحته قصد القربة ، وهو الّذي يسمى بالعبادة ، وقسم لم يعتبر فيه ذلك ، فان جعلنا النزاع في المقام راجعا إلى الأمر العقلي وهو أنه ـ بعد الفراغ عن وجود الجهة في الطبيعة ـ هل يقتضى مبغوضية إيجادها في ضمن خصوص فرد فساد العمل لو أتى به في الفرد المحرم أم لا؟
______________________________________________________
(١٨٨) وحينئذ إن كان لدليل العبادة إطلاق مع انفصال النهي ـ كما هو المفروض ـ نأخذ بالإطلاق فيما إذا كانت الحرمة التكليفية معلومة ، وكان الشك في الوضعيّة فقط. وأما إذا كان النهي مرددا بين الوضعي والتكليفي ، فلا يجوز التمسك بالإطلاق ، لدوران الأمر بين تقييد الهيئة والمادة. ولا ترجيح. نعم على القول بترجيح تقييد الهيئة ، فإطلاق المادة محفوظ.
ثم إنه لو لم يكن إطلاق أو كان ولم يكن بحجة ـ لدوران الأمر بين أحد التقييدين ـ فالمرجع الأصول العملية ، وهي البراءة في المقام ، للشك بين الأقل والأكثر.
ثم إنه لو قلنا بإمكان اجتماع النهي التحريمي مع العبادة ، وتردد النهي بين الوضعي والتكليفي ، فيتعارض الأصلان في الطرفين فيتساقطان. نعم لو قيل في الأقل والأكثر بالاشتغال ، فلا مانع من إجراء الأصل في الطرفين ، إلا انهما عقليان. والأصل العقلي لا يوجب انحلال العلم الإجمالي ، كما يوجبه الأصل الشرعي.