فرد تعيينا ، بخلاف جهة الوجوب ، كما في الواجب والحرام ، إلا ان الكراهة لما لم تكن مانعة للفعل على وجه اللزوم ، فلا تقاوم جهة الوجوب الملزمة للفعل ، فعلى هذا إذا اجتمع عنوان الواجب مع المكروه ، فاللازم بحكم العقل انتفاء وصف الكراهة فعلا ، ولكن لما كان الفرد الموجود الخارجي مشتملا على جهة الكراهة ، توجد فيه حزازة ، فيكون امتثال الواجب في هذا الفرد أقل فضلا وثوابا من امتثاله في غيره ، لمكان تلك الحزازة.
فان قلت : ما معنى الكراهة ، مع أن الفعل المفروض مصداق للواجب ، ويعتبر في صدق الكراهة رجحان الترك؟
قلت : الأحكام الشرعية التي تدل عليها الأدلة على قسمين (تارة) يستظهر من الأدلة أنها أحكام فعلية تعلقت بالموضوعات ، بملاحظة جميع الخصوصيات والضمائم ، و (أخرى) يستظهر منها أحكام حيثية تعلقت بموضوعاتها من حيث هي ، أعني مع قطع النّظر عن الضمائم الخارجية ، وما يكون من قبيل الثاني تتوقف فعليته على عدم عروض مانع للعنوان يقتضى خلاف ذلك الحكم الجاري عليه ، نظير قوله : (الغنم حلال) فان الحلية وان كانت مجعولة ، إلا أن هذا الجعل لا يلازم الفعلية في جميع افراد الغنم ، فان الغنم الموطوءة أو المغصوبة حرام ، مع كون الغنم من حيث الطبع
______________________________________________________
الكراهة ، لعدم كونها مانعة من لزوم الفعل أو ترخيصه.
وبتقريب آخر : كما قد يكون ملاك الحكم موجودا ، ومع ذلك لا يؤثّر في إنشاء الإرادة ـ كما مر في المبغوض مع عدم القدرة ـ كذلك قد تكون حزازة الفعل موجودة ومحفوظة في حد نفسها ، لكن لما كان ملاك الوجوب أيضا تاما لا تؤثر الحزازة في إنشاء الإرادة الكراهية ، وان كان يصح النهي إرشادا إلى ما ليست فيه.