شخص من افراد الطبيعة المنهي عنها ، ومنها الفرد المجتمع مع عنوان الواجب ، والوجوب ـ المتعلق بالطبيعة التي قد يتفق اجتماعها مع الحرام ـ لا يقتضى خصوص ذلك الفرد المجتمع مع الحرام ، بل أي فرد وجد وطبقت عليه تلك الطبيعة يحصل الغرض الداعي إلى الأمر بها ، فعلى هذا مقتضى الجمع بين الغرضين أن يقيد الآمر مورد الأمر بغير الفرد الّذي اجتمع مع الحرام.
ومن هنا ظهر أن تقيد عنوان المأمور به ـ وإخراج الفرد المنهي عنه عن موضوع الوجوب ـ لا يبتنى على إحراز ان مصلحة ترك الحرام أعظم وأهم عند الشارع من مصلحة إيجاد المأمور به ، لأن هذا الكلام إنما يصح فيما إذا كان بينهما تزاحم ، بحيث لا يمكن الجمع بينهما. وأما بعد فرض إمكان الجمع بينهما ـ كما فيما نحن فيه ـ فالواجب بحكم العقل تقييد مورد الوجوب ، ولو كان من حيث المصلحة أهم وأعظم من ترك الحرام.
والحاصل أنه إذا اجتمع عنوانان أحدهما فيه جهة الوجوب ، والآخر فيه جهة الحرمة ، والأولى تقتضي فردا اما ، والثانية ترك كل فرد تعيينا ، وقلنا بعدم كفاية تعدد الجهة في تعلق الأمر والنهي ، فاللازم بحكم العقل تقييد مورد الوجوب. وهذا لا شبهة فيه بعد أدنى تأمل.
واما إذا اجتمع عنوان الواجب مع المكروه ، فالامر بالعكس (١٧٢) ، لأن جهة الكراهة وإن كانت تقتضي عدم تحقق كل
______________________________________________________
(١٧٢) يعني بعد البناء على الامتناع ، لا محالة يحكم العقل بتقييد أحد الحكمين ، وكما أن في صورة اجتماع الوجوب المتعلق بالطبيعة مع النهي يقيد الوجوب بحكم العقل من إحراز الأهمية ، كذلك في صورة اجتماع الوجوب مع الكراهة تقيد