الغصب الزائد والخروج ـ كما هو الحق ، وقد مر برهانه في مبحث الضد ـ فالأقوى أنه ليس مأمورا به ولا منهيا عنه فعلا ، ولكن يجري عليه حكم المعصية.
لنا على الأول أنه قبل الدخول ليس للخروج عنوان المقدمية ، ضرورة إمكان ترك الغصب بأنحائه ، ولا يتوقف ترك شيء منه على الخروج ، فيتعلق النهي بجميع مراتب الغصب من الدخول في الأرض المغصوبة والبقاء والخروج (١٧٠) لكونه قادرا على جميعها ، ولكنه بعد الدخول فيها يضطر إلى ارتكاب الغصب مقدار الخروج ، فيسقط النهي عنه بهذا المقدار ، لكونه غير قادر فعلا على تركه. والتكليف الفعلي قبيح بالنسبة إليه. وهذا واضح. ولكنه يعاقب عليه ، لوقوع هذا الغصب بسوء اختياره ، ولما توقف عليه بعد الدخول ترك الغصب الزائد ، كما هو المفروض. وهذا الترك واجب بالفرض ، لكونه قادرا عليه ، فيتعلق به الوجوب بحكم العقل الحاكم بالملازمة بين وجوب ذي المقدمة ووجوب مقدمته ، فالخروج من الدار المغصوبة منهي عنه قبل الدخول ، ولذا يعاقب عليه ، ومأمور به بعد الدخول ، لكونه بعده مقدمة للواجب المنجز الفعلي.
فان قلت ما ذكرت إنما يناسب القول بكفاية تعدد الجهة في الأمر والنهي. واما على القول بعدمها ، فلا يصح ، لأن هذا الموجود الشخصي
______________________________________________________
(١٧٠) لكن لا يخفى عدم شمول إطلاق النهي للخروج قبل الدخول ، لأن تركه بوصف وقوعه بعد الدخول خارج عن القدرة ، نعم ذات الغصب حرام من دون نظر إلى حال العجز ، فمن تعمّد في سلب القدرة عن نفسه معاقب من هذه الجهة ، وإلّا فلو كان الخروج حراما قبل الدخول وواجبا بعده ، لزم أن تكون هذه الحركة الشخصية الواقعة في آن واحد حراما في ساعة ، وواجبة في ساعة ، من دون نسخ في البين. وهو محال ، كاجتماع الحكمين في ساعة واحدة.