ـ أعني الحركة الخروجيّة ـ مبغوض فعلا ، وان سقط عنه النهي لمكان الاضطرار ، وكما أن الأمر والنهي لا يجتمعان في محل واحد ، كذلك الحب والبغض الفعليان ، ضرورة كونهما متضادين كالأمر والنهي.
قلت اجتماع البغض الذاتي مع الحب الفعلي مما لا ينكر ، ألا ترى أنه لو غرقت بنتك أو زوجتك ، ولم تقدر على إنقاذهما ، ترضى بأن ينقذهما الأجنبي ، وتريد هذا الفعل منه ، مع كمال كراهتك إياه لذاته.
فان قلت الكراهة في المثال الّذي ذكرته ليست فعلية ، بخلاف المقام ، فان المفروض فعليتها فلا تجتمع مع الإرادة.
قلت ليت شعري ما المراد بعدم فعلية الكراهة في المثال ، وفعليتها في المقام فان كان المراد أنه لا يشق عليه هذا الفعل الصادر من الأجنبي ، بل حاله حال الصورة التي يصدر هذا الفعل من نفسه ، بخلاف المقام ، فان الفعل يقع مبغوضا للآمر ، فالوجدان شاهد على خلافه. ولا أظن أحدا تخيله. وإن أراد به أن الفعل ـ وان كان يقع في المثال مبغوضا ومكروها للشخص المفروض ـ إلّا ان هذا البغض لا أثر له ، بمعنى أنه لا يحدث في نفس الشخص المفروض إرادة ترك الفعل المفروض ، لأن تركه ينجر إلى هلاك النّفس ، ومن هذه الجهة هذا البغض المفروض لا ينافى إرادة الفعل ، فهو صحيح. ولكنه يجري بعينه في المقام ، فان الحركة الخروجيّة وان كانت مبغوضة حين الوقوع ، لكن هذا البغض لما لم يكن منشأ للأثر وموجبا لزجر الآمر عنها ، فلا ينافى إرادة فعلها ، لكونه فعلا مقدمة للواجب الفعلي.
ومحصل ما ذكرنا في المقام : أن القائل بامتناع اجتماع الأمر والنهي إنما يقول بامتناع اجتماعهما واجتماع ملاكيهما ، إذا كان كل واحد من الملاكين منشأ للأثر وموجبا لإحداث الإرادة في النّفس. واما إذا