تعدد الجهة في تحقق الأمر والنهي ، مع كونهما متحدتين في الوجود الخارجي (ثانيهما) جواز التكليف فعلا بأمر غير مقدور ، إذا كان منشأ عدم القدرة سوء اختيار المكلف. والأمر الأول قد فرغنا منه واخترنا صحته (١٦٩) ولكن الثاني في غاية المنع ، بداهة قبح التكليف بما لا يقدر عليه ، لكونه لغوا وعبثا.
واما ما يقال من أن الامتناع أو الإيجاب بالاختيار لا ينافى الاختيار ، فهو في قبال استدلال الأشاعرة للقول بان الأفعال غير اختيارية ، بان الشيء ما لم يجب لم يوجد ، فكل ما تحققت علته يجب وجوده ، وكل ما لم تتحقق علته يستحيل وجوده.
وحاصل الجواب ان ما صار واجبا بسبب اختيار المكلف ، وكذا ما صار ممتنعا به ، لا يخرج عن كونه اختياريا له ، فيصح عليه العقاب ، لا ان المراد انه بعد ارتفاع القدرة يصح تكليفه بغير المقدور فعلا.
القول الثاني أنه مأمور به مع جريان حكم المعصية عليه ، كما اختاره صاحب الفصول (قدسسره).
القول الثالث أنه مأمور به بدون ذلك.
والحق أن يقال : إن بنينا على كون الخروج مقدمة لترك الغصب الزائد ، فالأقوى هو القول الثاني ، سواء قلنا بجواز اجتماع الأمر والنهي أم لم نقل. وان لم نقل بمقدمية الخروج ، بل قلنا بصرف الملازمة بين ترك
______________________________________________________
(١٦٩) لكن في غير هذا المورد مما لا يكون للعنوان دخل في المأمور به ، وقد مر أن المقدمية ليست مثل الصلاة والغصب وأمثالهما ، بحيث يكون لها دخل في الحكم ، بل الأمر المقدمي يتعلق بنفس ما هو مقدمة في الخارج وفي مثله لا تجري أدلة الاجتماع.