فان قلت : ما ذكرت إنما يتم في الماهيات المتأصلة التي لها حظ من الوجود في الخارج ، كالإنسان ونحوه. وأما ما كان من العناوين المنتزعة من الوجودات الخارجية كالصلاة والغصب ، فلا يصح فيه ذلك ، لأن هذه العناوين ليس لها وجود في الخارج ، حتى يجرد من الخصوصيات ويجعل موردا للتكاليف ، بل اللازم في أمثالها هو القول بان مورد التكاليف الوجود الخارجي الّذي يكون منشأ لانتزاع تلك المفاهيم. ولا ريب في وحدة الوجود الخارجي الّذي يكون منشأ للانتزاع.
وبعبارة أخرى تعدد العناوين مفهوما لا يجدى ، لعدم الحقيقة لها الا في العقل (١٦٨) وما يكون موردا للزجر والبعث ليس إلّا الوجود
______________________________________________________
النقاط في الخطّ الواحد ، حيث يمكن الإشارة إلى كل منها. ويمكن اتصاف كل فرد بعرض خارجي غير عرض الآخر ، بل نقول ان الجامع موجود مع الخاصّ بوجود واحد ، ولا ميز في الخارج بين الحيثيات ، ولا يمكن الإشارة إلى كل منها حسا ، ولا يمكن اتصافها بصفات متباينة ، إلا أن العقل عند التحليل يدرك أشياء متعددة واقعا ، كما يدرك تعدد الجنس والفصل.
ولا يخفى أن التعدد في المقامين واقعي ، لكن لا يدركه إلّا العقل ، لا انه اعتباري محض جاء من قبل العقل ، ولعل هذا معنى أن الوجود واحد ، والحيثيات متعددة ، لا أن الحيثيات اعتبارية صرفة. وإذا ثبت التعدد واقعا عند العقل ، فلا مانع من تعلق الأمر بشيء في الذهن ، والنهي بشيء آخر لا اتحاد بينهما في النّظر التفصيليّ الانحلالي ، وان كان الوجود الخارجي لهما واحدا ، لأن موطنهما ـ كما مرّ ـ هو الذهن لا الخارج.
ثم لا يخفى أيضا عدم صحة قياس إرادة الآمر بإرادة الفاعل ، فان الآمر لو اختار المجمع ينجر إلى نقض غرضه ، وهو محال. بخلاف المأمور ، فانه يمكن أن يختار المجمع بسوء اختياره. نعم في مقام تعلق الإرادة لا فرق بين الإرادتين ، وموطنهما في النّظر التفصيلي.
(١٦٨) وحاصل الإشكال أن الأمور الانتزاعية ليست كالمتأصلة ، بحيث تكون