مع وصف كونه جامعا ومتحدا مع كثيرين ، فهو حق لا شبهة فيه ، لأن الشيء مع وصف كونه جامعا لا يتحقق إلّا في الذهن ، وإن أردت عدمه في الخارج أصلا ، فهو ممنوع ، بداهة أن العقل بعد ملاحظة الوجودات الشخصية التي تحويها طبيعة واحدة ، يجد حقيقة واحدة في تمام تلك الوجودات. وأقوى ما يدل على ذلك الوجدان ، فانا نرى من أنفسنا تعلق الحب بشرب الماء مثلا ، من دون دخل للخصوصيات الخارجية في ذلك ، ولو لم تكن تلك الحقيقة في الخارج ، لما أمكن تعلق الحب بها (١٦٧). والّذي يدل على تحقق صرف الوجود في الخارج ملاحظة وحدة الأثر من افراد الطبيعة الواحدة ، ولو لم يكن ذلك الأثر الواحد من المؤثر الواحد ، لزم تأثر الواحد من المتعدد. وهذا محال عقلا.
______________________________________________________
(١٦٧) وأيضا : لا إشكال في أنه قد يكون تحقق الجامع في الخارج معلوما ، مع الجهل بتحقق كل واحد من الافراد ، فلو لم يكن له واقع يلزم كون العلم به جهلا مركبا ، لأن كل فرد من الافراد المعينة مجهول بالفرض ، ولا يمكن اتصافه بالمعلومية مع ذلك ، للزوم اتصافه بالضدين. والفرد المنتشر لا واقع له تحقيقا ، فينحصر المعلوم في الجامع.
وأيضا : لا إشكال في أنه قد تترتب خاصيّتان على الموجود الخارجي تسند إحداهما إلى لجامع والأخرى إلى لفرد ، فلو لم يكن في الخارج الا واحد ، لزم صدور الاثنين من الواحد ، فكما يرتفع إشكال ذلك بقيام واقعين محفوظين ، وقيام كل من الأثرين على أحدهما ، كذلك يرتفع الإشكال عن اتحاد موطن الأمر والنهي.
وأيضا قد يستند الخاصّ إلى علة وداع ، والجامع إلى أخرى ، مثل أن يكون أصل الوضوء بداع إلهي ، واختيار الخاصّ بداع نفساني ، كالحرارة والبرودة وأمثالهما وكل ذلك ناش عن التعدد.
ولا يخفى أنا لا نقول بتحقق موجودين محسوسين في الخارج ، بحيث يمكن الإشارة إلى كل منهما منحازا عن الآخر ومتميزا عنه بالفصل والجنس ، كالبقر والإنسان ، أو بالوجود الشخصي كزيد وعمرو ، أو بالذات كالقطرات في البحر مثلا ، أو