بالطبيعة ، فالمقتضى له نفسها ، وهي متحدة في عالم الذهن مع المقيد ، لأنها مقسم له وللمطلق ، فلو اقتضى المقيد الكراهة ، لزم أن يكون المحبوب والمبغوض شيئا واحدا حتى في الذهن. وهذا غير معقول ، بخلاف مثل مفهوم الصلاة والغصب مثلا ، لعدم الاتحاد في الذهن أصلا.
(الأمر الخامس) قد يتراءى تهافت بين الكلمات ، حيث عنونوا مسألة جواز اجتماع الأمر والنهي ومثلوا له بالعامين من وجه ، واختار جمع منهم الجواز ، وأنه لا تعارض بين الأمر والنهي في مورد الاجتماع ، وفي باب تعارض الأدلة جعلوا أحد وجوه التعارض التعارض بالعموم من وجه ، وجعلوا علاج التعارض الأخذ بالأظهر إن كان في البين ، وإلّا فالتوقف أو الرجوع إلى المرجحات السندية على الخلاف. وكيف كان لم يتمسك أحد لدفع المنافاة بجواز اجتماع الأمر والنهي.
والجواب ان النزاع في مسألتنا هذه مبنى على إحراز وجود الجهة والمناط في كلا العنوانين (١٦٢) ، وان المناطين هل هما متكاسران عند العقل إذا اجتمع العنوانان في مورد واحد ـ كما يقوله المانع ـ أولا ، كما يقوله المجوز. ولا إشكال في ان الحاكم في هذا المقام ليس إلّا العقل.
______________________________________________________
(١٦٢) لكن الظاهر عدم تمامية الجواب المذكور ، وكأنه من المسلم عندهم عدم عدّ المثال من مسائل الاجتماع ، حتى مع إحراز الجهة ، وصرّح بعض بالتعارض أيضا مع إحراز الجهة ، لو كان الدليلان بصدد الحكم الفعلي ، وبالتزاحم لو كانا لإثبات مجرد الاقتضاء ، من دون ابتناء على الاجتماع والامتناع على ما هو ببالي ، فلا بد من جواب آخر يلتئم مع كلماتهم.
وأجاب الأستاذ ـ دام بقاؤه ـ بإمكان الفرق بين ما إذا كان بين نفس موضوع التكليفين عموم من وجه ، كالصلاة والغصب ، وما إذا كان بين متعلق التكليفين تلك النسبة ، كأكرم العالم ولا تكرم الفاسق ، حيث أن موضوع الحكم ومتعلقه في