المأمور به ، هل يقتضى دفع ذلك الترخيص المستفاد من إطلاق الأمر أولا؟ ولا ريب أن هذه القضية كما يصح الاستفسار عنها ، فيما إذا كان بين المتعلقين إطلاق وتقييد ، كذلك يصح فيما إذا كان بينهما عموم من وجه ، كما إذا كان بينهما عموم مطلق. وبالجملة ، فالظاهر أن اختلاف المورد لا يصير وجها لاختلاف المسألتين ، كما زعموا بل لا بد من اختلاف جهة الكلام) انتهى موضع الحاجة من كلامه ، قدسسره» (١).
أقول : والحق ان العنوانين لو كانا بحيث أخذ أحدهما في الآخر ، وكان بينهما عموم مطلق ، أيضا لا يتطرق فيهما هذا النزاع (١٦١). وتوضيحه أنه لا إشكال في تغاير المفاهيم بعضها مع بعض في الذهن ، سواء كان بينها عموم مطلق أو من وجه أو غيرهما ، وسواء كان أحدهما مأخوذا في الآخر أم لا ، إلا أنه لا يمكن أن يقال فيهما ـ إذا كان بين المفهومين عموم مطلق ، وكان أحدهما مشتملا على الآخر ـ ان المطلق يقتضى الأمر ، والمقيد يقتضى النهي ، لأن معنى اقتضاء الإطلاق شيئا ليس إلّا اقتضاء نفس الطبيعة ، إذ لا يعقل الاقتضاء لصفة الإطلاق ، والمقيد ليس إلّا نفس تلك الطبيعة منضمة إلى بعض الاعتبارات ، ولو اقتضى المقيد شيئا منافيا للمطلق ، لزم أن يقتضى نفس الطبيعة امرين متنافيين.
وبعبارة أخرى بعد العلم بأن صفة الإطلاق لا تقتضي تعلق الحب
______________________________________________________
(١٦١) يعني ان المسألتين وان كانتا مختلفتين من حيث الجهة ، كما قال به الشيخ وصاحب الكفاية (قدسسرهما) ، لكن تفترقان بحسب المورد أيضا ، باختصاص الأولى بغير مثل المطلق والمقيد إذا كانا متحدي المفهوم ، وقد مرّ تفصيله في الحاشية السابقة. ولعل نظر الفاضلين (قدسسرهما) أيضا إلى ذلك ، لا إلى عدم الفرق الا من حيث المورد ، فانهما أجل شأنا من أن يخفى عليهما اختلاف جهة المسألتين.
__________________
(١) مطارح الأنظار ، الهداية الثانية من حيث اجتماع الأمر والنهي ، ص ١٢٨