الأمر والنهي في شيء واحد ، حتى يجب عقلا تقييد أحدهما بغير مورد الآخر أو لا يلزم؟ بل يمكن ان يتعقل للأمر محل ، وللنهي محل آخر ولو اجتمعا في مصداق واحد؟ فهذا النزاع في الحقيقة راجع إلى الصغرى ، نظير النزاع في حجية المفاهيم.
(الأمر الرابع) أنه لا إشكال في خروج المتباينين عن محل النزاع ، بمعنى عدم الإشكال في إمكان أن يتعلق الأمر بأحدهما ، والنهي بالآخر إلا على تقدير التلازم بينهما في الوجود ، كما لا إشكال في خروج المتساويين في الصدق ، لما عرفت من اعتبار وجود المندوحة ، كما لا إشكال في دخول العامين من وجه في محل النزاع (١٦٠) انما النزاع في أن العام المطلق والخاصّ أيضا يمكن ان يجري فيه النزاع المذكور أم لا ،
______________________________________________________
(١٦٠) هذا فيما إذا كانا متغايرين بحسب المفهوم ، كالصلاة والغصب ، فلا إشكال فيه ، وأما فيما إذا كانا متحدين بحسب المفهوم ، كصلاة الصبح والصلاة في الحمام ، فالظاهر عدم جريان النزاع المذكور فيه ، لعدم جريان أدلة الجواز فيه.
توضيح ذلك : ان غاية ما يتمسك به القائل بالجواز هو تعدد موطن الأمر والنهي ، حيث أن الموضوع فيهما عنده هو الموجود في الذهن ، وهو في المفهومين المتغايرين متعدد. وسيأتي تفصيله ـ إن شاء الله تعالى ـ فلو كان متعلّقهما في الذهن أيضا واحدا ، لم يلتزم أحد بجواز اجتماعهما ، للزوم اجتماع الأمر والنهي في الواحد ذهنا وخارجا ، وهو محال.
والظاهر أن العامين من وجه مع اتحادهما مفهوما ـ كصلاة الصبح والصلاة في الحمام ـ يكونان كالعام والخاصّ المطلقين في وحدة موضوع الأمر والنهي ذهنا وخارجا ، لو فرض اجتماعهما ، لأن معنى محبوبية صلاة الصبح بنحو الإطلاق ، ليس إلّا محبوبية طبيعة تلك الصلاة بنفسها ، من دون دخل قيد وجودي أو عدمي ـ حتى قيد الإطلاق ـ فيه كما سيأتي منه ـ دام ظله ـ في المطلقين إذا اتحدا من حيث المفهوم ،