(الأمر الثاني) أن الموجود الخارجي ـ من أي طبيعة كان ـ امر وحداني محدود بحد خاص ، سواء قلنا بأصالة الوجود أو أصالة الماهية ، غاية الأمر أنه على الأول يكون الثاني منتزعا ، وعلى الثاني يكون الأول منتزعا. نعم يمكن أن ينحل في الذهن إلى ماهية ووجود ، وإضافة الوجود إلى الماهية. فحينئذ لو قلنا بان الوحدة في الخارج مانعة عن اجتماع الأمر والنهي ، فاللازم أن نقول بالامتناع ، سواء قلنا بأصالة الوجود أو الماهية ، ولو قلنا بعدم كونها مانعة. ويكفى تعدد المتعلق في الذهن ، فاللازم القول بالجواز ، سواء قلنا أيضا بأصالة الوجود أو بأصالة الماهية.
(الأمر الثالث) أن الظاهر ـ من العنوان الّذي جعلوه محلا للنزاع ـ ان الخلاف في جواز اجتماع الأمر والنهي وعدمه. ولا يخفى أنه غير قابل للنزاع ، إذ من البديهيات التضاد بين الأحكام وملاكاتها. إنما النزاع في أنه هل يلزم ـ على القول ببقاء إطلاق دليل وجوب الصلاة مثلا بحاله ، وكذا إطلاق دليل الغصب في مورد اجتماعهما ـ اجتماع
______________________________________________________
في مرحلة الثبوت. وأما في مرحلة الإثبات فقد مر أن الهيئة لا تدل الا على أصل الطلب ، والمادة أيضا لا تدل الا على أصل الطبيعة ، لكن لما لم تكن الطبيعة من حيث هي قابلة لتعلق الطلب بها يعتبر بحكم العقل أخذ الوجود في متعلقها إما بمعناه الاسمي وإما بمعناه الحرفي ، كما ذكرنا في تشريح المعنيين فراجع.
وكيف كان لا يدل أصل الهيئة والمادة بضميمة حكم العقل إلا على تعلق الطلب بأصل الطبيعة بأحد المعنيين ، ولا يفهم الفرد لو لم تكن قرينة في البين. وكذلك لو قيل بأن الوجود أخذ في الهيئة وضعا ، بمعنى انها وضعت لطلب الوجود في الأمر ، ولطلب الترك في النهي ، فان المأخوذ في الموضوعية ـ على هذا القول ـ هو المأخوذ بحكم العقل على القول الآخر ، وقد عرفت مقتضاه. وبذلك يظهر وجه استظهار الكفاية خروج لوازم وجود الماهية عن متعلق الطلب.