بالفرد بالمعنى الثاني : أن الوجودات بأسرها متباينات ، بمعنى أنه ليس لها جامع.
واستدل القائل بتعلق الطلب بالطبيعة بالمعنى الثاني أيضا بوجهين : (أحدهما) أن وجود الشخص لا يدخل في الذهن ، وإلّا لانقلب خارجا و (الثاني) أن إمكان تصور الوجود الشخصي إنما يكون بعد تحققه ، وفي ذلك الوقت لا يمكن تعلق الطلب به.
والجواب عن حجج الأولين منع عدم الجامع بين الوجودات ، كما ترى بالوجدان أنه قد تتعلق الإرادة بإيجاد الماء لرفع العطش ، من دون مدخلية خصوصيات الوجود في الإرادة ، وستطلع على زيادة توضيح في ذلك إن شاء الله تعالى.
وعن حجج الآخرين أما عن الأول ، فبأنه لا يلزم من تعلق الطلب بالموجودات الشخصية كونها ـ بوصف تحققها في الخارج ـ متصورة في الذهن ، حتى يلزم الانقلاب ، بل يكفى انتقاش صورها في الذهن ، ويتعلق الطلب بهذه الصور الذهنية حاكية عن الخارجيات. وأما عن الثاني ، فبما عرفت مما سبق فلا نعيد (١٥٩).
______________________________________________________
تعريها عن الوجودات الذهنية ، وترى نفس الموجودات ، وتشير إليها بعنوان كل ما يمكن أن يكون فردا للطبيعة ، وكما مر أن الموجود في الخارج لا يخرج عن الجزئية والفردية بمجرد صرف النّظر عن وجوده ، ولذا تكون قضية (زيد موجود) قضية جزئية ، مع أن الوجود غير ملحوظ في موضوعها ، كذلك ما يوجد في الذهن ـ بعنوان الفردية للطبيعة ـ لا يخرج عن الفردية الفرضية ، بتعرية الوجود عنه ولحاظ نفس الموجود.
(١٥٩) من إمكان تصور الفرد قبل وجوده وقد عرفت توضيحه. والمحصل من جميع ما أفاده ـ دام ظله ـ هو إمكان تعلق التكاليف بالافراد والطبائع ، بكلا المعنيين