واما الجواب عن الثاني ، فبان الممتنع ما إذا قيدت الطبيعة بشرط عدم انضمامها بالخصوصيات. وأما إذا جردت عن هذه الاعتبارات ، فلا إشكال في تعلق القدرة بها. وأما وجود الفرد ، فليس مقدمة لوجود الطبيعة ، لمكان اتحادهما في الخارج ، كما هو واضح.
حجة من يقول ـ بأن الطلب يتعلق بوجود الطبيعة ـ ان الطلب يتوقف على تصور المحل ، والفرد لا يمكن أن يتصور الا بعد التحقق وحينئذ غير قابل لتعلق الطلب به ، أما عدم إمكان تصور الفرد قبل تحققه ، فلان الصور الذهنية مأخوذة من الخارج ، فحيث لم يتحقق الفرد بعد في عالم الخارج ، لا يمكن أن يحيط به الذهن وينتقش فيه صورة ، فكلما يتصور حينئذ لا يخرج عن كونه كليا ، غاية الأمر يمكن تقييده في الذهن بقيود عديدة ، حتى يصير منحصرا في فرد واحد. ولكنه مع ذلك لا يخرج عن كونه كليا قابلا للصدق على كثيرين. وأما عدم قابليته للطلب ، بعد تحققه فواضح.
والجواب : أن ما ذكرت ـ من توقف الطلب على تصور المحل ـ ان أردت لزوم تصوره تفصيلا ، فهذه المقدمة ممنوعة ، وان أردت لزوم تصوره ولو بالوجه والعنوان الإجمالي ، فهو مسلم ولكن استحالة تصور الفرد قبل وقوعه بهذا النحو من التصور ممنوعة ، ضرورة إمكان تصور افراد الطبيعة بعنوان انها افراد لها (١٥٨) والّذي يمكن أن يحتج به لتعلق الطلب
______________________________________________________
الوجود ، من غير فرق بين الطبيعة والفرد ، وحينئذ فجريان النزاع ـ في تعلق الأحكام بالطبائع أو الافراد بالمعنى الثاني ـ واضح ، واما بالمعنى الأول فلا يخلو عن إشكال فافهم.
(١٥٨) نعم الظاهر أن النّفس ـ عند تصوّر الافراد قبل وجودها ـ توجد للطبيعة أفرادا عرضية في الذهن إجمالا ، لكن بوصف حكايتها عن الخارج ، وبعد ذلك