.................................................................................................
______________________________________________________
كالملكية والزوجية
، وذلك واضح ، فان الجمد بعد ما لم يكن علة للإحراق كيف يمكن جعله علة له ، وكيف
يمكن جعل الملازمة بينه وبين الإحراق. والارتباط بين اللفظ والمعنى من قبيل الثاني
لا من قبيل الأول.
ولا يخفى أن
المقصود من الارتباط ليس الارتباط بين اللفظ وذات المعنى الخارجي ، فان ذات المعنى
حالها بعد الوضع حالها قبل الوضع ، ولا ارتباط بين لفظ زيد وذاته في الخارج ـ وهو
واضح ـ ولا في الذهن ، لأنه قد يتصور ذات المسمى بلا تصور اللفظ ، وقد يتصور اللفظ
من دون تصور معناه كما تقول : «لفظ زيد ـ مثلا ـ ساكن الوسط» بل المقصود الملازمة
بين وجود اللفظ وإرادة المتكلم لمعناه ـ وسيأتي إن شاء الله توضيح ذلك في البحث عن
كون الألفاظ موضوعة لمعاني مرادة لا لذات المعاني ـ لكن فيما إذا كانت شرائط
التكلم موجودة مثل كون المتكلم عاقلا في مقام الإفادة مع مراعاة متابعة الواضع ،
فانه مع تلك الشرائط واقعا لا يمكن تخلف اللفظ عن إرادة المعنى.
لا يقال : بناء
على ذلك تكون دلالة الألفاظ على إرادة معانيها مقطوعة بحكم العقل ، وذلك ينافي ما
هو واضح من أن الألفاظ غالبا لا تفيد إلّا الظن ، مع ما هو المصطلح المشهور من كون
دلالتها على معانيها وضعية ، فلو كانت بينهما ملازمة عقلا خرجت عن كونها وضعية.
فانه يقال : ما
قلنا من عدم إمكان التخلف انما هو بعد إحراز الشرائط من عدم كون المتكلّم غافلا
وكونه في مقام التفهيم ومقام متابعة الواضع ، وأما إحراز تلك الشرائط غالبا فلا
يكون الا بأصول عقلائية ، ووظيفة اللفظ هو الكشف عن المراد بعد إحراز ما ذكر ،
ومعلوم أن النتيجة تابعة لأخس المقدمتين ، ولذا يكون المراد ظنيا ، وأما مع إحراز
جميع ذلك فهو موجب للقطع بالمراد ، كما هو واضح.
وأما كونها وضعية
فباعتبار أن اللفظ والمعنى قبل الوضع لم تكن بينهما تلك الملازمة العقلية ، وانما
حدثت بعد الوضع كما يقال في دلالة سرعة النبض على الحمى أنها طبيعة ، لاقتضاء
الطبع ذلك ، مع أن العقل يحكم بوجود الحمى عند السرعة ،