عدم كون فعل الضد علة ومؤثرا في ترك ضده ، فلأنه لو كان كذلك ، لزم ـ مع عدمه وعدم موجود يصلح لأن يكون علة لشيء ـ إما ارتفاع النقيضين ، أو تحقق المعلول بلا علة ، أو استناد الوجود إلى العدم (١٤٢).
بيان ذلك أنه لو فرضنا عدم الفعل الّذي فرضناه علة لعدم الضد ، وعدم كل شيء من السكنات يصلح لأن يكون علة لشيء ، فلا يخلو الواقع من أمور ، لأنك إما أن تقول بوجود ذلك الفعل الّذي كان عدمه معلولا أولا؟ فعلى الأول يلزم استناد الوجود إلى العدم ، إذ المفروض عدم وجود شيء في العالم يصلح لأن يكون علة ، وعلى الثاني إما أن تقول بعدم تحقق العدم المفروض معلولا أولا؟ فعلى الثاني يلزم ارتفاع النقيضين ، وعلى الأول يلزم تحقق المعلول بلا علة ، مضافا إلى أن مقتضى كون الفعل علة لترك ضده كون تركه مقدمة لفعل ضده الآخر ، لأن عدم المانع شرط فيلزم الدور.
______________________________________________________
واضح ، وإن كان بمعنى أنه موجد لقابلية المحل ، فيقال : القابلية أيضا أمر وجودي ، فان صح تأثير العدم فيها صحّ تأثيره في كل أمر وجودي ، إذ لا خصوصية لها ، فيصح أن تكون جميع الموجودات معلولات للأعدام.
(١٤٢) لا يخفى أن ذلك إنما يلزم على القول بأن فعل الضد علة منحصرة لترك الضد. وأما على القول بأن ترك الضد قد يستند إلى الصارف وعدم الإرادة ، وقد يستند إلى الضد فلا تلزم تلك المحاذير ، إذ لو فرض عدم شيء في العالم يصلح لعلية الترك ، لكفى عدم المقتضي لوجوده. نعم مع وجود المقتضى للضد ، لو فرض عدم شيء يصلح لعلية الترك ، فلا محالة يوجد لتحقق مقتضية مع عدم المانع ، ومعلوم أن أحدا لا يقول بأن فعل الضد علة منحصرة لترك الضد ، حتى يلزم ذلك ، ولذا ألجئ في تسجيل الدور إلى الالتزام بأن شأنية تقدم الشيء رتبة يكفي في عدم جواز تأخره عنه. فتدبر جيدا.