لجريان أصالة الإباحة في المقام. هذه خلاصة الكلام في حكم الشك ، فلنعد إلى أصل البحث.
فنقول : الحق ـ كما ذهب إليه الأساطين من مشايخنا ـ هو عدم التوقف والمقدمية ، لا من جانب الترك ولا من جانب الفعل. أما عدم كون ترك الضد مقدمة لفعل ضده ، فلان مقتضى مقدميته لزوم ترتب عدم ذي المقدمة على عدمه ، لأنه معنى المقدمية والتوقف ، فعلى هذا يتوقف عدم وجود الضد على عدم ذلك الترك المفروض كونه مقدمة ، وهو فعل الضد الآخر. والمفروض أن فعل الضد أيضا يتوقف على ترك ضده الآخر ، ففعل الضد يتوقف على ترك ضده ، كما هو المفروض ، وترك الضد يتوقف على فعل ضده ، لأنه مقتضى مقدمية تركه.
هذا مضافا إلى عدم إمكان تأثير العدم في الوجود (١٤١) ، وهو من الواضحات ، وإلّا لأمكن انتهاء سلسلة الموجودات إلى العدم. وأما
______________________________________________________
وانكشاف عدم المقدمية ملازم للعلم بعدم الوجوب ، ومعه ينتفي موضوعه ، واستكشاف ـ ما ينتفي معه موضوع الحكم من عموم الحكم ـ محال.
ولا يتوهم إمكان جعل الحكم للشك مع قطع النّظر عن الحكم ، لاستلزامه بقاء الحكم الظاهري ، مع العلم بالحكم الواقعي. وهو كما ترى ، مع أن ذلك مختص بما إذا احتمل ان يكون الآمر بصدد تشخيص المصاديق ، كما لو قال : (أكرم العلماء) مع احتمال العبد أن يكون أحدهم عدوا له ، فيستكشف العبد من العموم عدم العدو ، مع احتمال التشخيص له ، لا في مثل الحكم المجعول للشك المفروض إيكال تشخيص الموضوع إلى العبد فافهم.
(١٤١) ان قلت : فكيف اشتهر أنّ عدم المانع من المقدمات؟
قلت : ذلك الإطلاق ليس إلّا مسامحة عرفية ، وأما بحسب الدقة ، فليس الأثر الا للمقتضى ، لأن دخل العدم في التأثير إن كان بمعنى أن له شيئا من التأثير ففساده