التكليف الواقعي على تقدير ثبوته ، ولا يمكن جريانها هنا ، لأن العقاب لا يترتب على مخالفة التكليف المقدمي ، ولا يمكن الحكم بسقوط العقاب عن التكليف النفسيّ ، إذا استند تركه إلى هذه المقدمة المشكوك مقدميتها ، لأن التكليف النفسيّ معلوم ، ويعلم أن الإتيان به ملازم لهذا الترك الّذي يحتمل كونه مقدمة. انما الشك في أن هذا الترك ـ الّذي قد علم كونه ملازما لفعل الواجب المعلوم ـ هل هو مقدمة أولا؟ وهذا لا يوجب سقوط العقاب عن الواجب النفسيّ المعلوم كما هو واضح.
وأما الثاني ، فلأنه على تقدير كون الترك مقدمة ، فالوجوب المتعلق به بحكم العقل على حد الوجوب المتعلق بفعل ضده ، فكما أنه في هذا الحال يكون فعليا منجزا ، كذلك مقدمته. وعلى هذا الفرض لا يعقل الترخيص. والمفروض احتمال تحقق الفرض في نظر الشاك ، وإلّا لم يكن شاكا. ومع هذا الاحتمال يشك في إمكان الترخيص وعدمه عقلا ، فلا يمكن القطع بالترخيص ولو في الظاهر.
(لا يقال) بعد احتمال كون الترخيص ممكنا ، لا مانع من التمسك بعموم الأدلة الدالة على إباحة جميع المشكوكات ، واستكشاف الإمكان بالعموم الدال على الفعلية.
(لأنا نقول) على هذا يلزم من ثبوت هذا الحكم عدمه ، إذ لو بنينا على انكشاف الإمكان بعموم الأدلة ، فاللازم الالتزام بدلالة العموم على عدم كون ترك الضد مقدمة ، إذ مع بقاء هذا الشك لا يمكن انكشاف الإمكان ، فلو علم من عموم الحكم عدم كون ترك الضد مقدمة فلا مجرى له (١٤٠) ، لأن موضوعه الشك. وبالجملة ، فلا أرى وجها
______________________________________________________
(١٤٠) وذلك واضح ، لأن موضوع الحكم بالبراءة هو الشك في الوجوب ،