استدلال القائلين بوجوب المقدمة
(الأمر الثامن) في ذكر حجج القائلين بوجوب المقدمة. أقول ما تمسك به في هذا المقام وجوه ، أسدها وأمتنها ما احتج به شيخنا المرتضى (قدسسره) من شهادة الوجدان ، فان من راجع وجدانه وأنصف من نفسه ، يقطع بثبوت الملازمة بين الطلب المتعلق بالفعل والمتعلق بمقدماته (١٣٤).
لا نقول بتعلق الطلب الفعلي بها ، كيف؟ والبداهة قاضية بعدمه ، لجواز غفلة الطالب عن المقدمة ، إذ ليس النزاع منحصرا في الطلب الصادر من الشارع ، حتى لا يتصور في حقه ذلك ، بل المقصود أن الطالب للشيء إذا التفت إلى مقدمات مطلوبه ، يجد من نفسه
______________________________________________________
أدلة القائلين بوجوب المقدمة :
(١٣٤) لا إشكال في ثبوت الملازمة بين إرادة الشيء وإرادة مقدماته ، لأن من تعلقت إرادته بالكون على السطح ، ويعلم بأنه لا يتمكن منه الا بنصب السلّم فلا محالة توجد إرادة تبعية منه تتعلق بالنصب ، ويتحرك نحوه ، وإلّا ينجر الأمر إلى نقض غرضه.
وأما في الإرادة التشريعية فيمكن نفيها ، لأن الآمر إذا أراد الكون على السطح من عبده ، فليس في نفسه إلّا إيجاد المحرك التام والداعي للعبد على إتيان مطلوبه ، وبعد ما يرى أن تشريع الحكم نحو مطلوبه كاف في محركية العبد وواف في احداث خوف المخالفة في نفسه ، بحيث تحركه تلك الإرادة النفسيّة إلى مطلوبه ، مع ما يتوقف عليه من المقدمات ، فما الملزم بل وما الباعث له في تشريع الحكم نحو المقدمات أو انقداح الإرادة نحوها؟ وهل هذا الا لغو ، لأن المقدمة بالفرض ليست مطلوبة نفسا ، ولا يحتاج البعث إلى ذيها إلى البعث نحوها ، فلا ملازمة في البين.