حكايتها عن الخارج فالشيء ما لم يوجد في الذهن لا يعقل تعلق الأمر به (١٢٩) وهذه المقدمة في الوضوح مما يستغنى عن البرهان فحينئذ نقول : إن الاجزاء الموجودة في ذهن الآمر لا تخلو من أنها إما أن يلاحظ كل واحد منها بوجوداتها المستقلة الغير المرتبط بعضها ببعض ، نظير العام الأفرادي. وإما أن يلاحظ المجموع منها على هيئتها الاجتماعية.
فعلى الأول لا بد وأن تنحل الإرادة إلى إرادات متعددة ، كما في العام الأفرادي ، إذ الإرادة أمر قائم بنفس المريد متعلق بالافعال ، فكما انها تتعدد بتعدد المريد ، كذلك تتعدد بتعدد المراد ، إذ لا يعقل وحدة العرض مع تعدد المعروض.
وعلى الثاني أي على تقدير كون الملحوظ الاجزاء على نحو الاجتماع ، فالملحوظ بهذا الاعتبار امر واحد ، ولا يعقل أن يشير اللاحظ في هذا اللحاظ إلى أمور متعددة ، فوجود الاجزاء ـ بهذا الاعتبار في ذهن الآمر ـ نظير وجود المطلق في ذهن من لاحظ المقيد في أنه وإن كان موجودا ، إلا أنه لا على وجه يشار إليه ، بل هو موجود تبعا للمقيد ومندكا فيه.
والحاصل أن الموجود بهذا الاعتبار ليس إلّا الكل ، والاجزاء بوجوداتها الخاصة لا وجود لها ، فمتعلق الأمر النفسيّ لا يعقل إلّا ان يكون الكل الموجود في الذهن مستقلا ، والاجزاء ـ لعدم وجودها في الذهن بهذا اللحاظ ـ لا يمكن أن تكون متعلقة للأمر (١٣٠).
______________________________________________________
المقدمات الداخليّة
(١٢٩) قد مرّ التفصيل فيه في تصوير كيفية تعلق الأمر بالعبادات فراجع.
(١٣٠) وذلك لأن جعل الشيء موضوعا لحكم من الأحكام ـ اخبارا كان أو إنشاء ـ يتوقف على تصوره مستقلا ، ولا يكفى فيه تصوره مندكا في الغير ، كما في