وإن أراد الثالث ، وهو أن يكون المقصود الإيصال الخارجي ، ويكون القيد راجعا إلى الطلب ، فهو أيضا باطل قطعا ، لأن التكليف راجع إلى طلب المقدمة على فرض وجود ذيها ، وهو طلب الحاصل. وأيضا يلزم التفكيك بين وجوب المقدمة ووجوب ذيها في الاشتراط والإطلاق ، وكذا يلزم عدم كون العصاة مكلفين بالمقدمة. وبالجملة هذا الاحتمال أيضا لا ينبغي ان يسند إليه (قدسسره) ولا إلى أحد من العقلاء.
وإن أراد الرابع ، وهو ان يكون القيد في هذا الفرض راجعا إلى المطلوب ، فيرد عليه أمور :
(أحدها) ـ ان لا يكون ممتثلا للأمر المقدمي ، الا بعد إتيان ذي المقدمة. وقضية الوجدان خلاف ذلك.
(ثانيها) ـ أن لا تحصل الطهارة بالوضوء والغسل ، إلا بعد إتيان الصلاة ، لأن الطهارة لا تحصل الا بعد امتثال الأمر المقدمي. والمفروض
______________________________________________________
مطابق لما اختاره ، لا أنه إذا اختار أحدهما ينقلب العنوان ، ويصير عنوانا آخر.
ان قلت : لا يخلو العنوان المذكور من ان يكون إما واجبا غير معلول للغير ، وإما ممكنا معلولا لغيره ، فعلى الأول يلزم تعدد القدماء ، وعلى الثاني هو يكون معلولا لمنشإ انتزاعه لا محالة.
قلت (أولا) : إن هذه العناوين ليست أشياء موجودة في قبال الموجودات ، حتى يلزم بوجودها أزلا تعدد القدماء ، بل هي نظير مفهوم الإمكان للممكنات ، والامتناع للممتنعات و (ثانيا) : أن العناوين المذكورة منتزعة من المفاهيم الموجودة في الذهن الكاشفة عن الخارج معلولة لعلم الباري ـ جل شأنه ـ وكيف كان لا نتعقل كونها معلولة لما ليس بموجود أصلا. ونظير ذلك كل عنوان ينتزع من موجودات مستقبلة ، كقبلية اليوم من الغد وأمثاله.