تعالى.
(لأنا نقول) فرق بين الصفات المنتزعة من الأفعال الخارجية للمكلف في ظرف وجودها ـ كعنوان الاتصال والانفصال ونظائرهما ، مما ينتزع من إيجاد ما هو منشأ لانتزاعه ، فحينئذ يصح أن يكلف بالاتصال والانفصال مثلا ، لكونهما في حيز اختياره ، بواسطة اختيارية منشأ انتزاعهما ـ وبين الصفات المنتزعة من الأفعال الموجودة في المستقبل ، نظير كونه بحيث يضرب أو يجلس في المستقبل وأمثالهما من العناوين المنتزعة من الأفعال الموجودة في الزمن المتأخر في علم الله ، فان ثبوت تلك العناوين أو نقيضها مما ليس باختيار الشخص (١٢٥) كيف؟ وهي أو نقيضها ثابتة مع غفلته ونومه ، بل قبل وجوده في الخارج ، فان ماهية زيد توجد في الخارج ويضرب عمراً في علم الله. وهذا ـ بعد أدنى تأمل ـ لعله من الواضحات.
______________________________________________________
(١٢٥) قد يتوهم أن الوصف إذا كان عبارة عن أنه يفعل بالاختيار ، فالاختيارية فيه محفوظة ، لكنه مندفع : بأن الاختياري هو نفس الفعل الخارجي. وأما هذا المفهوم بعنوانه الاستقبالي ، فخارج عن الاختيار ، لعدم تأثير أفعاله الاختيارية في وجوده وعدمه ، بل لعدم إمكان تأثيرها فيه ، للزوم تأثير المتأخر في المتقدم ، أو المعدوم في الموجود.
إن قلت : لا إشكال في أن الفاعل يقدر على طرفي الفعل والترك ، وأيضا لا إشكال في أنه إن اختار الفعل ينتزع عنوان (يفعل) ، وإن اختار الترك ينتزع عنوان (لم يفعل) ، ولا تحتاج الاختيارية إلى أزيد من ذلك.
قلت : وإن كان ينتزع عنوان (يفعل) إن اختار الفعل في الواقع ، و (لم يفعل) إن اختار الترك ، لكن ليس ذلك بنحو العلية والمعلولية ، بل بنحو الملازمة التي لا ينفك أحدهما عن الآخر ، فإذا اختار كلا من الفعل والترك ، يكشف عن أن المنتزع