بعد دخول الوقت إكرامه قبله ، كذلك الأمر باعمال القدرة في الوقت ، لا يقتضى إعمال القدرة قبله.
فتحصل من مجموع ما ذكرنا أنه إذا راجعنا وجداننا ، نقطع بأن إرادتنا المتعلقة بالافعال الخاصة ، لا تخرج عن قسمين (إما) أن تكون على نحو يقتضى إيجاد تمام مقدماتها. و (إما) ان تكون على نحو لا يقتضى إيجاد بعضها.
______________________________________________________
جاءك زيد فأكرمه) ، حيث لا يقتضي إيجاب إعمال القدرة في الإكرام قبل المجيء.
لكن يشكل عليه : بأن تقيد المصلحة بخصوص إعمال القدرة في الوقت ، يستلزم عدم اجزاء الوضوء قبل الوقت في المثال ، ولو قصد فيه الغاية المشروعة قبله ، مثلا : من توضأ قبل المغرب لصلاة العصر ، لا خلاف في صحة صلاة المغرب معه ، وعلى ما قرر لا تصح ، لفرض عدم المصلحة فيه لصلاة المغرب.
والحاصل : أنه إن كانت المقدمة نفس الوضوء وتحصيل الطهارة ، من دون تقيد بكونه في الوقت فيلزم جواز قصد الوجوب قبل الوقت ، لأنه يكون حينئذ واجبا موسعا على مبنى من يلتزم بوجوب مقدمات الواجب المشروط قبل الوقت ، وان كانت خصوص الوضوء الحاصل في الوقت ، فيلزم عدم اجزاء الحاصل قبل الوقت. وكلاهما مما لم يلتزم به.
ويمكن أن يجاب عنه : بأن ما هو المقدمة أصل الوضوء المحصل للطهارة ، وليس المقصود الا الطهارة. ولا فرق فيها بين الوضوء الحاصل قبل الوقت أو بعده ، ولكن لم يجب الوضوء قبل الوقت ، لمانع في وجوبه ، لا لعدم المقتضي فيه. نظير ما إذا كان بعض المقدمات محرمة.
ان قلت : بعد تسليم وجود المقتضي فيه ، فأي مانع يمنع من وجوبه؟ والمانع في المقدمات المحرمة معلومة.
قلت : بعد الإجماع ـ على عدم الوجوب قبل الوقت ، وجواز الاكتفاء به على فرض بقائه بعد دخول الوقت ـ لا نحتاج إلا إلى إثبات إمكانه بأيّ وجه كان ، وما ذكرنا كاف في إثبات إمكانه.