عنده فصل مع الطهارة. وقد عرفت سابقا أن الوجوب المبنى على فرض وجود شيء لا يقتضى إيجاد ذلك المفروض فحينئذ لو علم المكلف بأنه لو لم يتوضأ قبل الوقت ، لا يتمكن منه بعده ، لا يجب عليه الوضوء ، لأنه موجب لحصول القدرة في الوقت التي هي شرط وجوب الواجب. وقد عرفت عدم وجوب تحصيله. وهكذا الكلام في غسل الجنابة للصوم في النهار السابق ، فانه بعد فرض وجود الدليل على عدم وجوبه ، نستكشف اشتراط القدرة في الليل ، فلا يجب تحصيلها.
(فان قلت) : نفرض علم المكلف بكونه قادرا في الوقت على أي حال ، بمعنى أنه لا يمكنه سلب قدرته فيه ، فعلى هذا يلزم ان يكون الوضوء مثلا عليه واجبا موسعا ، فيجوز أن يأتي به بقصد الوجوب ، مع أنهم لا يلتزمون به.
(قلت) : يمكن تصور الواجب على نحو لا يلزمه ذلك ، وهو بان يقال : ان الواجب إقدام المكلف على الفعل بقدرته الموجودة في الوقت. ومحصله ان المصلحة (تارة) قائمة بإكرام زيد بعد دخول الوقت مطلقا سواء أعمل في إيجاد هذا العنوان قدرته الموجودة قبل الوقت أم بعده. و (أخرى) المصلحة قائمة باعمال القدرة في الوقت في إكرام زيد ، ويرجع محصل هذا التكليف إلى انه بعد دخول الوقت وتحقق القدرة على إكرام زيد ، يجب إعمال تلك القدرة ، فإعمال القدرة في هذا المثال نظير نفس إكرام زيد في المثال السابق (١٢١) ، فكما أنه لا يقتضي الأمر بإكرام زيد
______________________________________________________
(١٢١) يعني ان المصلحة لما كانت قائمة باعمال القدرة في الوقت ، فلا محالة ما لم يفرض الآمر وجود الوقت ، ولم يره موجودا ، لم تنقدح له الإرادة. وهذه الإرادة المتحققة ـ مع فرض وجود الوقت ـ لا تقتضي إيجاب إعمال القدرة قبله ، كما في (ان